مثل هذه الصورة ، لكان مقتضاه هو عدم جعل حجّية الأمارة المفروض كونها مفوّتة لمصلحة الواقع التي قد أثّرت أثرها في الرتبة السابقة ، فلاحظ وتأمّل.
وأمّا الإشكال الأوّل وكذا الثاني ، فقد تعرّض [ لهما ] شيخنا قدسسره بما في هذا التحرير من قوله : والسرّ في ذلك هو أنّ التدارك إنّما يكون بمقدار ما اقتضته الأمارة من إيقاع المكلّف على خلاف الواقع ، وبالقدر الذي سلكه ، ولا موجب لأن يستحقّ المكلّف زائداً عمّا سلكه (١).
كما أنّه تعرّض لدفع ذلك في التحرير المطبوع في صيدا بما هو أوضح ، فقال : إنّ اختلاف المصلحة إنّما نشأ من اختلاف نفس السلوك بحسب المقدار ، وكلّ مقدار منه يشتمل على مقدار من المصلحة المغايرة لما يشتمل عليه الآخر الخ (٢).
وكذلك حرّرت عنه بما هذا لفظه : وبالجملة أنّ السلوك في هذه الصور لا يكون أمراً واحداً لتكون مصلحته بمقدار واحد ، ليرد أنّها إن كانت معادلة لمصلحة الواقع لزمه سقوط الاعادة والقضاء ، وإن لم تكن معادلة له لزم تفويت المصلحة الواقعية بلا تدارك لها ، بل إنّ السلوك في هذه الصور مختلف المقدار ، وبمقدار ذلك السلوك يكون الصلاح ، ويكون ذلك الصلاح الناشئ عن السلوك المذكور بمقدار ما يفوت من المصلحة الواقعية فتأمّل ، انتهى.
كلّ هذه العبائر تعطي أنّ نفس السلوك مختلف المقدار ، وأنّ السبب في الاختلاف إنّما هو اختلاف المقدار الذي أخطأته الأمارة ، فإن كانت الأمارة مصيبة فلم يكن في البين سلوك أصلاً ، وكذلك لو كانت مخطئة وقد عمل على طبقها ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٩٧.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ١١٩.