يفوت المكلّف بخطأ الأمارة ، وإنّما جاءت الإشكالات من ناحية الالتزام بكون نفس سلوك الأمارة فيه مصلحة واقعية ينالها المكلّف عند خطأ الأمارة.
وحينئذ يتوجّه الإشكال أوّلاً : بأنّ هذه المصلحة السلوكية لا تختصّ بموارد الخطأ ، بل هي متحقّقة قهراً في موارد الاصابة ، غايته أنّه هناك تجتمع المصلحتان.
وثانياً : بأنّ هذه المصلحة الواقعية لا تختلف سعة وضيقاً في موارد تبيّن الخطأ.
وثالثاً : بأنّ الشارع في فرض موارد الخطأ مع فرض تمكّن المكلّف من الوصول إلى المصلحة الواقعية لا يمكنه الجمع بين المصلحتين ، فلابدّ أن تكون النتيجة في ذلك ما هو راجع إلى قواعد المزاحمة في مقام الجعل والتشريع.
وهذه الإشكالات خصوصاً الأخير منها لا تندفع بالتأخّر الرتبي الذي أشار إليه بقوله : وفي طول المصلحة الواقعية من دون أن يكون لها مساس بها أو بالحكم الناشئ من قبلها (١). وكذلك قوله : بل المصلحة السلوكية مترتّبة على وجود حكم واقعي أخبر الأمارة عنه وفي مرتبة متأخّرة عنه ، فضلاً عن المصلحة الداعية إلى جعله ، فكيف يمكن أن تكون هي مزاحمة لتأثير المصلحة الواقعية في جعل الحكم الواقعي الخ (٢) ، فإنّ ذلك إنّما يمكن في صورة الاصابة ، أمّا في صورة الخطأ فإنّ مصلحة السلوك وإن كانت في طول المصلحة الواقعية ، إلاّ أنّ الشارع العالم بخطئها يعلم أنّ جعل حجّيتها مفوّت لمصلحة الواقع ، فهو لا يمكنه الاحتفاظ بكلا المصلحتين في هذه الصورة. ولو قلنا إنّ التأخّر الرتبي مؤثّر في
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ١١٨.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ١١٩ ـ ١٢٠.