ثبت التكليف الواقعي في هذه الصورة كان بلا مصلحة توجبه. أمّا لو كان التكليف الظاهري في طول التكليف الواقعي ، فلا يكون التكليف المذكور الناشئ عن قيام الأمارة الذي هو عبارة عن الهوهوية ، أو عن الأمر بسلوك تلك الأمارة كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى مزاحماً لذلك التكليف الواقعي ، ولا يحصل التدافع بين المصلحتين ، بل يكون كلّ من المصلحتين مؤثّرة في التكليف الذي هو على طبقها من دون تزاحم بينهما أصلاً ، لكون كلّ منهما في رتبة غير رتبة الآخر ، لما عرفت من الطولية بين التكليفين ، انتهى.
وفيه تأمّل ، فإنّ الكلام إنّما هو في تفويت المصلحة الواقعية ، وأنّها لا تكون مؤثّرة في جنب المصلحة السلوكية الذي هو شعبة من شعب التصويب ، ولو كان التأخّر الرتبي دافعاً لإشكال التصويب لدفعه على الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة التي أفادها قدسسره في هذا التحرير (١) ، فإنّ مرجع الوجه الثاني إلى العنوان الأوّلي والثانوي ، ولا ريب في تأخّر العنوان الثانوي عن العنوان الأوّلي ، هذا كلّه.
مضافاً إلى اشتماله على الجمع بين التكليفين الواقعي والظاهري ، وسيأتي إن شاء الله تعالى (٢) أنّه قدسسره لا يرتضي الجمع بينهما باختلاف الرتبة ، كما مرّت الإشارة إليه في بعض مباحث القطع (٣) المأخوذ موضوعاً لحكم مضادّ للحكم الذي تعلّق به القطع.
وبالجملة : أنّ الالتزام بمصلحة التسهيل أو مصلحة السلوك لا يخلو عن
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٩٥.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ١١٢ ـ ١١٣ ، وحاشية المصنّف قدسسره عليه تأتي في الصفحة : ٣٠٩ وما بعدها.
(٣) راجع حاشية المصنّف قدسسره المفصّلة المتقدّمة في الصفحة : ٤٠ وما بعدها.