تنازل من الشارع عن المصلحة الواقعية ، وهو شعبة من شعب التصويب.
اللهمّ إلاّأن يقال : إنّ التصويب المعتزلي لم يكن بطلانه من جهة عدم المعقولية كما في التصويب الأشعري ، بل كان بطلانه من جهة الإجماع على عدمه والإجماع إنّما قام على البطلان في صورة كون المصلحتين المتزاحمتين قائمتين بنفس الفعل ، وإن كانت إحداهما من جهة ذاته وعنوانه الأوّلي والأُخرى من جهة قيام الأمارة وعنوانه الثانوي ، كما هو مقتضى القول بالسببية. أمّا إذا كانت إحدى المصلحتين قائمة بنفس الفعل ، والأُخرى قائمة في سلوك الطريق المجعول لحفظه لكن اتّفق أن قد أخطأه ، فلا يكون مشمولاً للإجماع المذكور الذي هو راجع إلى الإجماع على اشتراك التكاليف ، ولأجل ذلك نقول : إنّ الانكشاف على الأوّل يكون من قبيل تبدّل الموضوع ، بخلافه على الثاني فإنّه يكون من قبيل انكشاف الخلاف.
وفيه تأمّل ، فإنّك قد عرفت عدم تأثير المصلحة الواقعية في قبال المصلحة السلوكية ، فلا يكون تبيّن خطئها إلاّمن قبيل تبدّل الموضوع. نعم يمكن أن يدّعى أنّ القدر المتيقّن من الإجماع هو الصورة الأُولى دون الثانية. لكن لو فتحنا باب القدر المتيقّن من الإجماع لأمكن ادّعاء كون القدر المتيقّن من الإجماع هو النحو الأوّل من الأنحاء الثلاثة المذكورة في الكتاب ، دون الثاني والثالث.
ولكن أصل هذا الإشكال إنّما نشأ من دعوى أنّ هناك طرقاً معيّنة تكون مفيدة للعلم ، وطرقاً أُخرى معيّنة أيضاً وهي لا تفيد إلاّالظنّ ، وأنّ إصابات الطرق العلمية أكثر من إصابات الطرق الظنّية ، وقد عرفت أنّه يمكن تساوي الطريقين في الخطأ والاصابة ، فلا تفويت في الطرق الثانية زائداً على الطرق الأُولى ، وإن كانت موارد الاصابة في أحد الطريقين مغايرة لموارد الاصابة في الطريق الآخر ، هذا.