الأسباب المفيدة للعلم ، وفي فرض كون خطأ الأمارة زائداً على خطأ الأسباب العلمية ، إذ مع عدم التمكّن من الأسباب العلمية لا حاجة إلى المصلحة السلوكية ، كما أنّه لو كانت موارد الخطأ في الأمارة بمقدار موارد الخطأ في الأسباب العلمية لم نكن محتاجين إلى المصلحة السلوكية ، بل ولا المصلحة التسهيلية ، ومحلّ الكلام إنّما هو في المورد الذي تخطئه الأمارة زائداً على الطرق العلمية ، مع فرض تمكّن المكلّف من سلوك الطرق العلمية التي لا يقع فيها ذلك الخطأ الزائد.
فنقول : معنى أنّ الشارع قد أمر بسلوك الأمارة لأجل مصلحة في سلوكها ، وتلك المصلحة يتدارك بها تلك المصلحة الواقعية التي تفوت بواسطة سلوكها ، هو أنّه يقع التزاحم في نظر الشارع بين تلك المصلحة التي تفوت بخطأ الأمارة وبين المصلحة السلوكية التي تحصل بسلوك الأمارة ، فإنّ مقتضى المحافظة على المصلحة الأُولى هو الإلزام بالطرق العلمية ورفع اليد عن المصالح السلوكية ، ومقتضى المحافظة على المصلحة الثانية هو رفع اليد عن المصلحة الأُولى وتسويغ سلوك الأمارات للحصول على مصالح السلوك فيها ، وحيث إنّ مصلحة السلوك كانت أهمّ في نظره ، قدّمها على تلك المصلحة الفائتة بخطأ الأمارة ، فلازم ذلك أنّ تلك المصلحة الواقعية كانت مغلوبة بهذه المصلحة السلوكية ، بمعنى أنّها في ذلك الحال ـ أعني حال الجعل والتشريع ـ لم تكن قابلة لأن يعتني الشارع بها ، فلا فرق بين كون المصلحة في نفس الفعل مغلوبة بفساد في نفسه بواسطة عنوانه الثانوي ، أعني كونه ممّا قامت الأمارة على حرمته ، كما هو مقتضى الكسر والانكسار الذي هو راجع إلى التصويب المعتزلي ، أو أن تكون المصلحة في نفس الفعل مغلوبة بصلاح آخر خارج عن الفعل ، بل كان واقعاً في الطريق إلى الواقع.