ثابت في كلتا الحالتين ، ففيه أوّلاً : أنّه لا يكون حينئذ من قبيل الجعل. وثانياً : أنّه بعد أن كان وجود الحكم في مرتبة العلم والجهل به غير معقول كيف يصحّ الاخبار به.
وإن كان المراد هو سحب الحكم من مرتبته السابقة على العلم به والجهل إلى ما بعدهما فهو محال ، لأنّ ما هو في مرتبة العلّة يستحيل سحبه إلى مرتبة المعلول.
وإن كان المراد به جعلاً ثانوياً يكون المجعول فيه مماثلاً للمجعول الأوّل ، ففيه أوّلاً : أنّ ذلك خلاف ما هو المشاهد بالوجدان من الأوامر العرفية وغيرها ، في أنّ تسرية الحكم فيها وشموله لكلّ من حالتي العلم به والجهل ، لا يحتاج إلى جعل المماثل.
وثانياً : أنّه يلزم اجتماع المثلين ، وتعدّد الرتبة لا ينفع في دفع إشكال اجتماعهما ، وإلاّ لصحّ ذلك في ضدّ ذلك الحكم ، بأن يقال : إذا علمت بحرمة شرب الخمر وجب عليك أو جاز لك شربها. ودعوى عدم إمكان ذلك في العلم ، لكونه تناقضاً بنظر المكلّف ، بخلاف ما لو كان المأخوذ هو الجهل بأن يقول : إذا جهلت بحرمة شرب الخمر جاز لك شربها ، وبخلاف ما لو كان المجعول مماثلاً للمجعول الأوّل ، فإنّه لا تناقض فيه ، يدفعها أنّه بعد فرض كون اجتماع المثلين كالضدّين محالاً يكون المانع من صحّته موجوداً فيه.
وثالثاً : لو سلّمنا ذلك لكان خارجاً عمّا نحن بصدده من إطلاق الحكم بالنسبة إلى كلّ من العلم والجهل المتعلّقين به ، بل هو من قبيل أخذ العلم بالحكم والجهل به موضوعاً لحكم آخر ، غايته أنّه يماثل الحكم الأوّل.
ورابعاً : أنّ هذا الحكم المجعول ثانياً في مرتبة العلم والجهل المتعلّقين