قد يقال : إنّ الظنّ ربما كان موضوعاً لحكم ، مثل الظنّ بالضرر في موضوعيته لوجوب الافطار ولوجوب التيمّم مثلاً ، اللهمّ إلاّأن يقال : إنّ الموضوع في ذلك هو مجرّد الاحتمال ، ويكون الحكم وهو عدم وجوب الصوم أو حرمته مترتّباً على الظنّ بالضرر من جهة كونه أحد مصاديق الاحتمال. لكن الظاهر أنّ ما مرّ من قيام الطرق والأمارات مقام العلم الموضوعي مثل اليد وغيرها من هذا القبيل ، أعني ما أُخذ فيه الظنّ موضوعاً لذلك الحكم الذي أُخذ فيه العلم موضوعاً. اللهمّ إلاّأن يقال : إنّ أمثال ذلك من قبيل التصرّف في الموضوع ، وأنّ الشارع بعد أن جعل اليد حجّة مثلاً فقد صيّرها علماً ، فيكون ترتّب الحكم عليها وهو جواز أداء الشهادة استناداً إليها من باب ترتّبه على العلم ، غايته أنّه علم جعلي ، فيخرج بذلك عمّا أنكره الأُستاذ قدسسره من كون الظنّ بما أنّه ظنّ موضوعاً للحكم الشرعي المذكور ، فتأمّل.
وكيف كان ، فإنّ الممكن من هذه الأقسام المذكورة للظنّ الموضوعي هو أخذه موضوعاً للحكم المخالف بأقسامه الثمانية ، يعني سواء كان حجّة أو لا ، وكلّ منهما إمّا صفة أو طريق ، فهذه أربعة ، وكلّ منها إمّا على نحو الجزء أو على نحو التمام ، فهذه أقسام ثمانية ، كلّها ممكنة ، لكن شيخنا قدسسره أسقط منها ما أُخذ على نحو الطريقية تمام الموضوع ، سواء كان الظنّ حجّة أو لا ، وقد تقدّم الكلام في ذلك في المباحث السابقة (١). وحينئذ تكون الأقسام الممكنة عنده قدسسره ستّة ، وغير الممكن ثمانية أيضاً ، وهي أقسام ما أُخذ موضوعاً للحكم المضادّ بأقسامه
__________________
(١) راجع الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٢٠ ـ ٢٢.