وهذا الظلام
أشد على الإنسان من ظلام الدنيا. ولذا ورد عن الأئمة الهداة سلام الله عليهم : اجعل نفسك عدوا تجاهده. وورد : أفضل الجهاد من جاهد
نفسه التي بين جنبيه.
إن
قلت : إن ظاهر
العبارة : إنه وقب حيث لم يكن كذلك. مع أن ظلام النفس والقلب ، دائم ، فلا يكون
مناسبا معه.
قلت : هذا له
جوابان :
الأول : النظر إلى الفطرة الأصلية للإنسان ، فإنها خالية عن
الظلمة. قال الله تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ
الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها). وورد أيضا : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه
يهوّدانه أو ينصرانه. أي يجعلانه غافلا ، ومن أهل الدنيا. فقد وقب فيها الظلام عند
ما تسببت أسبابه ، أي دخل على حين غرّة ، بعد أن لم يكن فيها.
الثاني
: قد يفرض أن
الفرد طيب ونيّر القلب إلّا أنه قد يناله الظلام من أسباب عديدة ، باطنية وظاهرية
، كالطعام والمعاشرة ، فينتج شرورا وضيقا يستعاذ منه.
الأطروحة
الثالثة : بلاء الدنيا
من حوادث ومرض وفقر وموت حبيب وغيرها. فإنها بالنسبة إلى طبقة من الناس بنفسها شر
، وبالنسبة إلى طبقة أخرى منتجة للشر والمضاعفات النفسية والخارجية. ولا أقل من أن
يكون رد فعل الإنسان تجاهها غير مرض لله عزوجل ، كالاعتراض عليه. فيكون المعنى : الدعاء بأن يعيذه
الله من شر هذا البلاء.
الأطروحة
الرابعة : الغفلة :
قال تعالى : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً
مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ). وهي بيت الداء وأصل خسران
__________________