فأقول : ـ بعرض منا بغض النظر عما قيل في ذلك المصدر ـ : إن المهم في مجادلة الكفار من أهل الكتاب والمشركين. أربع نقاط : بيان عيوبهم وما يصلحهم وبيان الرحمة والمنة النازلة عليهم وتقييمهم كما يلي :
أولا : أما ذكر عيوبهم : فهي كونهم كفارا ومشركين وأهل كتاب. وهذا العنوان في نفسه عيب. لأن الإسلام دين ناسخ لما قبله من الأديان. ومن يترك ما هو أعلى وأفضل ويختار ما هو أدنى ، فهو معيب لا محالة.
ثانيا : وأما ما يصلحهم فهو البينة والكتب المطهرة.
ثالثا : وأما الرحمة والمنة النازلة عليهم فهي العلم. ولكنهم لم يستفيدوا من هذا العلم ، وإنما اختلفوا فيه وتقاتلوا عليه.
رابعا : وأما تقييمهم فهو أنهم شرّ البرية. وهم كذلك في الدنيا وفي الآخرة. أي أن القيمة الأخلاقية لهم متدنية في كلا الدارين.
وفي مقابلهم خير البرية ، وقيمتهم الأخلاقية عالية في كلا الدارين. وجزاء خير البرية الجنة وجزاء شر البرية النار.
قد يقال : إن نسق الآيات يختلف في السورة ، ابتداء من قوله تعالى : إن الذين كفروا ، بعنوان الإشارة إلى كونه هو النتيجة للمقدمات الموجودة في أول السورة.
وجوابه : إن هذا الاختلاف غير الواضح. والنسق هو نسق الهاء الساكنة في كل الآيات إطلاقا.
وهنا يمكننا أن نلاحظ عدة أمور :
أولا : إن لفظ القيمة استعمل مرتين بمعنيين : كتب قيمة ودين القيمة ، ولا أقل أنه بعد تقييده يصبح بمعنيين.
فإن قلت : إن القيمة بمعنى واحد. لأنكم ذكرتم أن معنى كتب قيمة هي الكتب التي لها القيمومة. وكذلك دين القيمة. فرجعت إلى معنى واحد.