ذكرتك يا حمص ذكرى هوى |
|
أمات الحسود وتعنيته (١) |
كأنك والشمس عند الغروب |
|
عروس من الحسن منحوته |
غدا النهر عقدك والطود تاج |
|
ك والشمس أعلاه ياقوته |
انتهى :
وعبّر بعضهم ، وهو صاحب «بدائع البداءة» (٢) عن بعض حكايات صاحب القلائد بما يقاربها في المعنى ، فقال : إن المستعين بن هود ملك سرقسطة والثغور ركب نهر سرقسطة يوما لتفقّد بعض معاقله ، المنتظمة بجيد ساحله ، وهو نهر رقّ ماؤه وراق ، وأزرى (٣) على نيل مصر ودجلة العراق ، قد اكتنفته البساتين من جانبيه ، وألقت ظلالها عليه ، فما تكاد عين الشمس أن تنظر إليه ، هذا على اتّساع عرضه ، وبعد سطح مائه من أرضه ، وقد توسّط زورقه زوارق حاشيته توسّط البدر للهالة ، وأحاطت به إحاطة الطّفاوة بالغزالة (٤) ، وقد أعدّوا من مكايد الصيد ما استخرج ذخائر الماء ، وأخاف حتى حوت السماء ، وأهلّة الهالات (٥) طالعة من الموج في سحاب ، وقانصة من بنات الماء (٦) كلّ طائرة كالشهاب ، فلا ترى إلّا صيودا كقصد الصوارم ، وقدود اللهازم (٧) ، ومعاصم الأبكار النواعم ، فقال الوزير أبو الفضل بن حسداي والطرب استهواه (٨) ، وبديع ذلك المرأى قد استرقّ هواه : [البسيط]
لله يوم أنيق واضح الغرر |
|
مفضّض مذهب الآصال والبكر |
كأنّما الدّهر لمّا ساء أعتبنا |
|
فيه بعتبى فأبدى صفح معتذر |
نسير في زورق حفّ السرور به |
|
من جانبيه بمنظوم ومنتثر |
مدّ الشراع به قدّا على ملك |
|
بذ الأوائل في أيامه الأخر (٩) |
هو الإمام الهمام المستعين حوى |
|
علياء مؤتمن في هدي مقتدر |
__________________
(١) حمص : هي إشبيلية ، وقد سماها الذين دخلوا الأندلس من العرب حمص كعادتهم في تسمية بلاد الأندلس.
(٢) بدائع البداءة ج ٢ ص ١٢٤.
(٣) أزرى عليه : عابه وازدراه.
(٤) الغزالة : الشمس ، والطفاوة ـ بضم الطاء ـ دارتها.
(٥) في ه : «وأهله الأهلات».
(٦) في ه : «نبات الماء».
(٧) اللهاذم : جمع لهذم ، وهو القاطع من السيوف.
(٨) في ب : «قد استهواه».
(٩) بذ : غلب.