كان سرّي مكتّما |
|
وهو الآن قد علن |
ليس لي عنك مذهب |
|
فكما شئت لي فكن |
وقال رحمه الله تعالى (١) : [الوافر]
أيوحش لي الزمان وأنت أنسي |
|
ويظلم لي النهار وأنت شمسي |
وأغرس في محبّتك الأماني |
|
وأجني الموت من ثمرات غرسي |
لقد جازيت غدرا عن وفائي |
|
وبعت مودّتي ظلما ببخس |
ولو أنّ الزمان أطاع حكمي |
|
فديتك من مكارهه بنفسي |
ومحاسن ابن زيدون كثيرة ، وقد ذكرنا منها في غير هذا المحلّ جملة.
وسألت جارية من جواري الأندلس ذا الوزارتين أبا الوليد بن زيدون أن يزيد على بيت أنشدته إيّاه ، وهو (٢) : [البسيط]
يا معطشي من وصال كنت وارده |
|
هل منك لي غلّة إن صحت : واعطشي (٣) |
قال : وكانت الجارية المذكورة تتعشّق فتّى قرشيّا ، والوزير يعلم ذلك ، وهي لا تعلم أنه يعلم ، فقال : [البسيط]
كسوتني من ثياب السّقم أسبغها |
|
ظلما وصيّرت من لحف الضّنى فرشي |
أنّى بصرف الهوى عن مقلة كحلت |
|
بالسّحر منك وخدّ بالجمال وشي |
لمّا بدا الصّدغ مسودّا بأحمره |
|
أرى التشاكل بين الروم والحبش |
أوفى إلى الخدّ ثم انصاع منعطفا |
|
كالعقربان انثنى من خوف محترش |
لو شئت زرت وسلك الليل منتظم |
|
والأفق يختال في ثوب من الغبش (٤) |
جفا إذا التذّت الأجفان طيب كرى |
|
جفني المنام وصاح الليل : يا قرشي (٥) |
هذا وإن تلفت نفسي فلا عجب |
|
قد كان قتلي في تلك الجفون حشي |
وكان لابن الحاج صاحب قرطبة ثلاثة أولاد من أجمل الناس صورة : رحمون ، وعزّون ، وحسون ، فأولع بهم الحافظ الشهير أبو محمد بن السيد البطليوسي صاحب «شرح أدب الكاتب» وغيره وقال فيهم : [البسيط]
__________________
(١) ديوان ابن زيدون ص ١٨٥.
(٢) ديوان ابن زيدون ص ١٧٠.
(٣) في ه : «يا معطشي عن وصال».
(٤) في الديوان : «لو شئت زرت وسلك النجم».
(٥) في الديوان «طعم كرى». وفي ه : «طيف كرى».