فقال : خاطرك خاطر شيطان ، ولك المنّ (١) والأمان ، فأقام في إحسانه بأوطانه ، حتى خلع عن ملكه وسلطانه :
ولمّا أنشده عمر بن الشهيد قصيدته التي يقول فيها (٢) : [الكامل]
سبط البنان كأنّ كلّ غمامة |
|
قد ركّبت في راحتيه أناملا (٣) |
لا عيش إلّا حيث كنت ، وإنما |
|
تمضي ليالي العمر بعدك باطلا |
التفت إلى من حضر من الشعراء وقال : هل فيكم من يحسن أن يجلب القلوب بمثل هذا؟ فقال أبو جعفر بن الخراز البطراني (٤) : نعم ، ولكن للسعادة هبّات ، وقد أنشدت مولانا قبل هذا أبياتا أقول فيها : [الطويل]
وما زلت أجني منك والدهر ممحل |
|
ولا ثمر يجنى ولا الزرع يحصد |
ثمار أياد دانيات قطوفها |
|
لأغصانها ظلّ عليّ ممدّد |
يرى جاريا ماء المكارم تحتها |
|
وأطيار شكري فوقهنّ تغرّد |
فارتاح المعتصم ، وقال : أأنت أنشدتني هذا؟ قال : نعم ، قال : والله كأنها ما مرّت بسمعي إلى الآن ، صدقت للسعد هبّات ، ونحن نجيزك عليها بجائزتين : الأولى لها ، والثانية لمطل راجيها وغمط إحسانها ، انتهى.
وقال بعض ذرّيّة ملوك إشبيلية (٥) : [الخفيف]
نثر الورد بالخليج وقد درج |
|
أمواهه هبوب الرياح (٦) |
مثل درع الكميّ مزّقها الطع |
|
ن فسالت بها دماء الجراح |
وقال ابن صارة في النارنج : [الطويل]
كرات عقيق في غصون زبرجد |
|
بكفّ نسيم الريح منها صوالج |
نقبّلها طورا وطورا نشمّها |
|
فهنّ خدود بيننا ونوافج |
وقال أبو الحسن بن الزقاق ابن أخت ابن خفاجة (٧) : [المتقارب]
__________________
(١) في ه : «ولك الأمن والأمان».
(٢) انظر الذخيرة ١ / ٢ : ١٩٥.
(٣) سبط البنان : أي كريم العطاء.
(٤) انظر ترجمته في المغرب ج ٢ ص ٣٥٥.
(٥) انظر ديوان ابن الزقاق ص ١٣١.
(٦) في ب ، ه : «وقد درجه بالهبوب مرّ الرياح».
(٧) انظر ديوان ابن الزقاق ص ١٧٩.