ولست أعشق إلّا |
|
ساجي الجفون رخيم |
ومدح هلال البياني ابن حمدين بقصيدة أولها : [الكامل]
عرّج على ذاك الجناب العالي |
|
واحكم على الأموال بالآمال |
فيه ابن حمدين الذي لنواله |
|
من كلّ أرض شدّ كلّ رحال |
فقال له القاضي : ما هذا الوثوب على المدح من أوّل وهلة ، ألا تدري أنهم عابوا ذلك ، كما عابوا الطول أيضا؟ وأن الأولى التوسّط؟ فقال له : يا سيدي (١) ، اعذرني بما لك في قلبي من الإجلال والمحبّة ، فإني كلّما ابتدأت في مدحك لم يتركني غرامي في اسمك إلى أن أتركه عند أول بيت ، فاستحسن ذلك منه ، وأحسن إليه.
ومن هذه القصيدة :
قاض موال برّه ونواله |
|
فله جميع العالمين موالي (٢) |
وكان يهوى وسيما من متأدّبي قرطبة ، فصنع فيه شعرا أنشده منه : [البسيط]
وكّلت عيني برعي النجم في الظّلم |
|
وعبرتي قد غدت ممزوجة بدم (٣) |
فقال له الغلام : أنت لا تبرح بكوكب من عينك ليلا ولا نهارا ، وعاشقا وغير عاشق ، فخجل هلال ، وكان على عينه نقطة.
وحكى ابن حيان (٤) أنّ الأمير عبد الرحمن عثرت به دابته وهو سائر في بعض أسفاره ، وتطأطأت ، فكاد يكبو لفيه ، ولحقه جزع ، وتمثّل أثره (٥) بقول الشاعر : [الطويل]
وما لا ترى ممّا يقي الله أكثر
وطلب صدر البيت فعزب عنه ، وأمر بالسؤال عنه فلم يوجد من يحفظه إلّا الكاتب محمد بن سعيد الزجالي ، وكان يلقّب بالأصمعي لذكائه وحفظه ، فأنشد الأمير :
ترى الشيء ممّا يتّقى فتهابه (٦)
فأعجب الأمير ، واستحسن شكله ، فقال له : الزم السرداق. وأعقب ابنا يسمى حامدا.
وحضر مع الوزير عبد الواحد بن يزيد الإسكندراني في مجلس فيه رؤساء ، فعرض عليهم
__________________
(١) في ب ، ه : «فقال : يا سيدي».
(٢) موال بره : متابعه. وموالي : عبيد.
(٣) العبرة : الدمعة.
(٤) انظر المغرب ج ١ ص ٣٣٠.
(٥) في ب : «إثره».
(٦) في ج «نرى الشمس مما يتقى فتهابه».