يا دار ، أمّنك الزما |
|
ن صروفه ونوائبه (١) |
وجرت سعودك بالذي |
|
يهوى نزيلك آيبه (٢) |
فلنعم مأوى الضيف أن |
|
ت إذا تحاموا جانبه |
خطر شأوت به الديا |
|
ر وأذعنت لك قاطبه (٣) |
وصنع له (٤) ابن عبد الغفور رسالة سماها ب «الساجعة» حذا بها حذو أبي العلاء المعري في «الصاهل والساجح» (٥) وبعث بها إليه ، فعرضها عليه ، فأقامت عنده أياما ثم استدعاها منه فصرفها إليه ، وكتب معها : بكر زففتها أعزّك الله تعالى نحوك ، وهززت بمقدمها سناك وسروك ، فلم ألفظها عن شبع ، ولا جهلت ارتفاعها عمّا يجتلى من نوعها ويستمع ، ولكن لما أنسته (٦) من أنسك بانتجاعها ، وحرصك على ارتجاعها ، دفعت في صدر الولوع ، وتركت بينها وبين مجاثمها بتلك الربوع (٧) ، حيث الأدب غضّ ، وماء البلاغة مرفضّ ، فأسعد أعزّك الله بكرتها ، وسلّها عن أفانين معرّتها (٨) ، بما تقطفه من ثمارك ، وتغرفه من بحارك ، وترتاح له ولإخوانه من نتائج أفكارك ، وإنها لشنشنة أعرفها فيكم من أخزم ، وموهبة حزتموها وأحرزتم السبق فيها منذ كم. انتهى.
وابن عبد الغفور هو الوزير أبو القاسم الذي قال فيه الفتح (٩) : فتى زكا فرعا وأصلا ، وأحكم البلاغة معنى وفصلا ، وجرّد من ذهنه على الأعراض نصلا ، قدّها به وفراها ، وقدح زند المعالي حتى أوراها ، مع صون يرتديه ، ولا يكاد يبديه ، وشبيبة ألحقته بالكهول ، فأقفرت منه ربعها المأهول ، وشرف ارتداه ، وسلف اقتفى أثره الكريم واقتداه ، وله شعر بديع السّرد ، مفوّف البرد ، وقد أثبتّ له منه ما ألفيت ، وبالدلالة عليه اكتفيت ، فمن ذلك قوله : [الطويل]
تركت التصابي للصواب وأهله |
|
وبيض الطّلى للبيض والسّمر للسّمر |
مدامي مدادي والكؤوس محابري |
|
وندماي أقلامي ومنقلتي سفري |
__________________
(١) صروف الزمان : مصائبه.
(٢) في المطمح : «ودنت سعودك بالذي». وآب : رجع.
(٣) شأوت : سبقت.
(٤) في ب ، ه : «وصنع له ولد ابن عبد الغفور».
(٥) في ب : «الصاهل والشاجح».
(٦) في ج : «لما أنست».
(٧) في ب ، ج : «تلك الربوع».
(٨) المعرّة : الأذى ، المساءة.
(٩) انظر المطمح ص ٢٩ ـ ٣٠.