الخروف؟ وأشار إلى ولده ، فقال له الزهري : ما هو للبيع ، فقال : بكم هذا التيس (١)؟ وأشار إلى الشيخ الزهري ، فرفع رجله العرجاء وقال : هو معيب لا يجزئ في الضحيّة ، فضحك كل من حضر ، وعجبوا من لطف خلقه.
وركب مرّة هذا النهر مع الباجي يوم خميس ، فلمّا أصبحا وصعد الزهري يخطب يوم الجمعة ، والباجي حاضر قدّامه ، فنظر إليه الباجي وأومأ إلى محلّ الحدث ، وأخرج لسانه ، فجعل الزهري يلمس عصا الخطبة ، يشير بالعصا إلى جوابه على ما قصد ، رحمه الله تعالى!
ومرّ العالم أبو القاسم بن ورد صاحب التآليف في علم القرآن والحديث بجنّة لأحد الأعيان فيها ورد ، فوقف بالباب وكتب إليه : [الخفيف]
شاعر قد أتاك يبغي أباه |
|
عند ما اشتاق حسنه وشذاه (٢) |
وهو بالباب مصغيا لجواب |
|
يرتضيه النّدى فماذا تراه (٣) |
فعندما وقف على البيتين علم أنه ابن ورد ، فبادر من جنّته إليه ، وأقسم في النزول عليه ، ونثر من الورد ما استطاع بين يديه.
وحكي أن أبا الحسين (٤) سليمان بن الطراوة نحويّ المرية حضر مع ندماء ، وإلى جانبه من أخذ بمجامع قلبه ، فلمّا بلغت النوبة إليه استعفى من الشرب ، وأبدى القطوب ، فأخذ ابن الطراوة الجام من يده وشربها عنه ، ويا بردها على كل كبده ، ثم قال بديها : [السريع]
يشربها الشيخ وأمثاله |
|
وكلّ من تحمد أفعاله |
والبكر إن لم يستطع صولة |
|
تلقى على البازل أثقاله (٥) |
ودخل عليه وهو مع ندمائه غلام والكأس (٦) في يده فقال : [الوافر]
__________________
(١) في ه : «فبكم هذا التيس».
(٢) في ب ، ه : «شاعر قد عراك يبغي أباه».
(٣) في ج : «يرتضي بالندى» وقد أثبتنا ما في أ، ب ، ه.
(٤) في أ، ج «أبا الحسن».
(٥) في ه : «والبكر إن لم يستطع رحله» والبكر ، بفتح الباء سكون الكاف : الفتي من الجمال. والبازل : الذي طلعت نابه من الإبل.
ويشير الشاعر في هذا البيت إلى قول الشاعر :
وابن اللبون إذا ما لزّ في قرن |
|
لم يستطع صولة البزل القناعيس |
(٦) في ب ، ه : «بكأس في يده».