وإنّما أسفي أنّي أهيم بها |
|
وأنّ حظّي منها حظّ مغبون |
أرى بعيني ما لا تستطيل يدي |
|
له وقد حازه من قدره دوني |
وأنكد النّاس عيشا من تكون له |
|
نفس الملوك وحالات المساكين |
يغضّ طرف التّصابي حين تبهته |
|
قضبان نعمان في كثبان يبرين |
قالوا الكفاف مقيم قلت ذاك لمن |
|
لا يستخفّ إلى بيت الزّراجين |
ولا يبلبله هبّ الصّبا سحرا |
|
ولا يلطّفه عرف الرّياحين |
ولا يهيم بتفّاح الخدود ورمّا |
|
ن الصّدور وترجيع التّلاحين |
لا تجتنى راحة إلّا على تعب |
|
ولا تنال العلا إلّا من الهون |
وصاحب العقل في الدنيا أخو كدر |
|
وإنّما الصّفو فيها للمجانين |
يا آمري أن أحثّ العيس عن وطني |
|
لمّا رأى الرّزق فيه ليس يرضيني |
نصحت لكنّ لي قلبا ينازعني |
|
فلو ترحّلت عنه حلّه دوني |
لألزمن وطني طورا تطاوعني |
|
قود الأماني وطورا فيه تعصيني |
مذلّلا بين عرفاني وأضرب عن |
|
سير لأرض بها من ليس يدريني(٢) |
هذا يقول غريب ساقه طمع |
|
وذاك حين أريه البرّ يجفوني |
إليك عنّي آمالي فبعدك يه |
|
ديني وقربك يطغيني ويغويني |
يا لحظ كلّ غزال لست أملكه |
|
يدنو وما لي حال منه تدنيني |
ويا مدامة دير لا ألمّ به |
|
لو لا كما كان ما أعطيت يكفيني |
لأصبرنّ على ما كان من كدر |
|
لمن عطاياه بين الكاف والنّون |
وتسمى هذه القصيدة عند أهل الأندلس «كنز الأدب» وقد أشرنا في الباب الأول إلى كثير مما يتعلق بقرطبة أعادها الله تعالى إلى الإسلام! فأغنى عن إعادته ، وإن كان ذكره هنا أنسب ، لأن ما تقدم إنما هو في ذكرها مع غيرها من بلاد الأندلس ، وهذا الباب لها بالاستقلال.
وأنشد أبو العاص غالب بن أمية الموروري (٣) لما جلس على نهر قرطبة بإزاء الرّبض ملتفتا إلى القصر بديهة : [المنسرح]
__________________
(١) في ه : وزمان النهود.
(٢) في ب : مدلّلا.
(٣) غالب بن أمية بن غالب الموروري من شعراء القرن الرابع ، سكن قرطبة. (انظر الجذوة ص ٣٠٥ ، وبغية الملتمس ، رقم ١٢٧٥).