الباب الرابع
في ذكر قرطبة التي كانت الخلافة بمصرها للأعداء قاهرة ، وجامعها الأموي ذي البدائع الباهية الباهرة ، والإلماع بحضرتي الملك الناصرية الزّهراء والعامرية الزاهرة ، ووصف جملة من منتزهات تلك الأقطار ومصانعها ذات المحاسن الباطنة والظاهرة ، وما يجر إليه شجون الحديث من أمور تقضي بحسن إيرادها القرائح الوقادة والأفكار الماهرة.
قال ابن سعيد رحمه الله : مملكة قرطبة في الإقليم الرابع ، وإيالته للشمس ، وفي هذه المملكة معدن الفضة الخالصة في قرية كرتش ، ومعدن الزئبق والزنجفر في بلد بسطاسة (١) ، ولأجزائها خواصّ مذكورة في متفرقاتها ، وأرضها أرض كريمة النبات (٢) ، انتهى.
وقدّم رحمه الله في المغرب الكلام عليها على سائر أقطار الأندلس وقال : إنما قدمنا هذه المملكة من بين سائر الممالك الأندلسية لكون سلاطين الأندلس الأول اتخذوها سريرا لسلطنة الأندلس ، ولم يعدلوا عن حضرتها قرطبة ، ثم سلاطين بني أمية وخلفاؤهم ، لم يعدلوا عن هذه المملكة ، وتقلبوا منها في ثلاثة أقطار (٣) أداروا فيها خلافتهم : قرطبة ، والزهراء ، والزاهرة ، وإنما اتخذوها لهذا الشأن لما رأوها لذلك أهلا ، وقرطبة أعظم علما وأكثر فضلا بالنظر إلى غيرها من الممالك ، لاتصال الحضارة العظيمة والدولة المتوارثة فيها.
ثم قسم ابن سعيد كتاب «الحلة المذهبة ، في حلى ممالك قرطبة». بالنظر إلى الكور إلى أحد عشر كتابا : الكتاب الأوّل كتاب : «الحلة الذهبية ، في حلى الكورة القرطبية». الكتاب الثاني كتاب : «الدرر المصونة ، في حلى كورة بلكونة». الكتاب الثالث كتاب : «محادثة السير (٤) ، في حلى كورة القصير». الكتاب الرابع كتاب : «الوشي المصوّر ، في حلى كورة
__________________
(١) في ج : بسطائه.
(٢) في ب : وأرضها أرض كريمة النبات. وفي ه : وهي أرض كريمة النبات.
(٣) في ب ، ه : ثلاثة أقطاب.
(٤) في ب : محادثة السمير.