التاريخ للخليفة الناصر إلى وفاته ، ثم للخليفة الحكم المستنصر إلى أن توفي رحمه الله تعالى عقب ذي القعدة من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ، فكانت ولايته لقضاء الجماعة المعبر عنه في المشرق بقضاء القضاة ستة عشر عاما كاملة ، لم يحفظ عليه فيها جور في قضية ، ولا قسم بغير سويّة ، ولا ميل لهوى (١) ، ولا إصغاء إلى عناية ، رحمه الله تعالى ورضي عنه! ودفن بمقبرة قريش بالربض الغربي من قرطبة أعادها الله تعالى! جوفيّ مسجد السيدة الكبرى ، بقرب داره.
وله رحمه الله تعالى تواليف مفيدة : منها كتاب «أحكام القرآن» و «الناسخ والمنسوخ» وغير ذلك في الفقه والكلام في الرد على أهل المذاهب ، تغمده الله تعالى برضوانه!.
وكتب بعض الأدباء إلى القاضي منذر بقوله : [السريع]
مسألة جئتك مستفتيا |
|
عنها ، وأنت العالم المستشار |
علام تحمّر وجوه الظّبا |
|
وأوجه العشّاق فيها اصفرار |
فأجاب منذر بقوله : [السريع]
احمر وجه الظّبي إذ لحظه |
|
سيف على العشّاق فيه احورار(٢) |
واصفرّ وجه الصّبّ لمّا نأى |
|
والشّمس تبقي للمغيب اصفرار |
٧ ـ وممن رحل إلى المشرق من الأندلس فشهد له بالسبق ، كل أهل المغرب والشرق ، الإمام العلامة أبو القاسم (٣) الشاطبي ، صاحب «حرز الأماني» و «العقيلة» وغيرهما.
وهو أبو القاسم (٤) بن فيّره بن خلف بن أحمد ، الرّعيني ، الشاطبي ، المقري ، الفقيه ، الحافظ ، الضرير ، أحد العلماء المشهورين ، والفضلاء المشكورين (٥) ، خطب ببلده شاطبة مع
__________________
(١) في ب : بهوى.
(٢) فيه احورار : الضمير عائد على لحظه.
(٣) هو القاسم بن فيره بن أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي المقرئ النحوي الضرير. كان إماما فاضلا في النحو والقراءات والتفسير والحديث. علامة نبيلا ، محققا ذكيا واسع المحفوظ ، صالحا ، صدوقا. ولد سنة ٥٣٨ ه وتوفي سنة ٥٩٠ ه (بغية الوعاة ج ٢ ص ٢٦٠) وانظر في ترجمته : معجم الأدباء ج ١٦ ص ٢٩٣ ، وطبقات السبكي ج ٤ ص ٣٩٧ ، وشذرات الذهب ج ٤ ص ٣٠١ ، وغيرها.
(٤) ورد في أصل عند ه : أبو القاسم القاسم بن فيره وهو يطابق ما ورد في الكتب من ترجمته.
(٥) في ب ، ه : المذكورين.