وقد حضرنا مسمع يجري مع النفوس لطافة فهو يعلم غرضها وهواها ، ويغني لها مقترحها ومناها ، فصيح لسان النقر ، يشفي من الوقر ، كأنه كاتب حاسب ، تمشق يمناه ، وتعقد يسراه : [الوافر]
يحرّك حين يشدو ساكنات |
|
وتنبعث الطّبائع للسّكون |
وكانت بين أبي إسحاق وبعض إخوانه مقاطعة ، فاتفق أن ولي ذلك الصديق حصنا ، فخاطبه أبو إسحاق برقعة ، منها : أطال الله بقاء سيدي النبيهة أوصافه النزيهة عن الاستثناء ، المرفوعة إمارته الكريمة بالابتداء ، ما انحذفت ياء يرمي (١) للجزم ، واعتلت واو يغزو لموضع الضم ، كتبت عن ودّ قديم هو الحال ، لم يلحقها انتقال ، وعهد كريم هو الفعل لم يدخله الاعتلال ، والله يجعل هاتيك من الأحوال الثابتة اللازمة ، ويعصم هذا بعد من الحروف الجازمة ، وأنا أستنهض طولك إلى تجديد عهدك بمطالعة ألف الوصل ، وتعدية فعل الفصل ، وعدولك عن باب ألف القطع ، إلى باب الوصل والجمع ، حتى يسقط لدرج الكلام بيننا هاء السكت ، ويدخل الانتقال حال الصمت ، فلا تتخيل أعزك الله أن رسم إخائك عندي ذو حسا (٢) قد درس عفاء ، ولا أن صدري دار مية أمسى من وده خلاء (٣) ، وإنما أنا فعل إذا ثنّي ظهر من ضمير وده ما بطن ، وبدا منه ما كمن ، وهنيئا أعزك الله أن فعل وزارتك حاضر لا يلحق رفعه تغيير ، وأن فعل سيفك ماض ما به للعوامل تأثير ، وأنت بمجدك جماع أبواب الظّرف ، تأخذ نفسك العلية بمطالعة باب الصرف ، ودرس حروف العطف ، وتدخل لام التبرئة على ما حدث من عتبك ، وتوجب بعد النفي ما سلف من قربك (٤) ، وتدع ألف الألفة أن تكون بعد من حروف اللين ، وترفع بالإضافة بيننا وجود التنوين ، وتسوم ساكن الود أن يتحرك ومعتل الإخاء أن يصح ، وكتابي هذا حرف صلة فلا تحذفه حتى تعود الحال الأولى صفة ، وتصير هذه النكرة معرفة ، فأنت أعزك الله مصدر فعل السرور والنيل (٥) ، ومنك اشتقاق اسم السودد (٦) والفضل ، وإنك وإن تأخر العصر بك كالفاعل وقع مؤخرا ، وعدوك وإن تكبر كالكميت لم يقع إلا
__________________
(١) في ج : ياء يرى.
(٢) في ج : دوحة قد درس عفاء ، والصواب ذو حسا. واد جاء في شعر كثير من الشعراء ومن ذلك قول النابغة الذبياني :
عسا ذو حسا من فرتنا فالفوارع |
|
فجنبا أريك فالتلاع الدوافع |
(٣) في ب : من ودك خلاء ..
(٤) في ه : عتبك. وفي ج : عبدك.
(٥) في ب : والنبل.
(٦) في ب : السؤدد.