وجفون لم يمتشق سيفها إلا |
|
لمغرى بقدّك الممشوق (١) |
تهت عجبا بكل فن من الحسن |
|
جليل وكل معنى دقيق |
وتفردت بالجمال الذي خ |
|
لّاك مستوحشا بغير رفيق |
باللحاظ التي بها لم تزل تر |
|
شق قلبي بالقوام الرّشيق |
لا تغر بالغوير إذ تتثنّى |
|
فيه أعطاف كل غصن وريق |
واثن محمّر ورد خدّيك واستر |
|
ه وإلّا ينشقّ قلب الشفيق |
قال ابن سعيد : وحظي الشهاب التلعفري بمنادمة الملوك ، وكونهم يقدمونه ، ويقبلون على شعره ، وعهدي به لا ينشد أحد قبله في مجلس الملك الناصر ، على كثرة الشعراء ، وكثرة من يعتني بهم ، ولما جمعت للملك الناصر كتاب ملوك الشعر جعلت ملك شعر الشهاب البيت الرابع من المقطوعة المتقدمة ، فإنه كان كثيرا ما ينشده ، وينوه به ، والتشفي من ذكر الشهاب ومحاسن شعره له مكان بكتاب «الغرة الطالعة (٢) ، في فضلاء المائة السابعة» وهو الآن عند الملك المنصور صاحب حماة قد علت سنه ، وما فارقه غرامه ودنّه ، انتهى.
ولما أجرى ابن سعيد في بعض مصنفاته ذكر الملك العادل بن أيوب قال ما نصه : وكان من أعظم السلاطين دهاء ، وحزما ، وكان يضرب به المثل في إفساد القلوب على أعدائه وإصلاحها له ، ويحكى أنه بشّره شخص بأن أميرا من أمراء الأفضل بن صلاح الدين فسد عليه ، فأعطاه مالا جزيلا ، وأرسل مستخفيا إلى المذكور يزيده بصيرة في الانحراف عن الأفضل ، ويعده بما يفسد الصالح فكيف الفاسد ، قال : وكان يمنع حتى يوصف بالبخل ، ويجود في مواضع الجود حتى يوصف بالسّماح ، وكان صلاح الدين ـ وهو السلطان ـ يأخذ برأيه ، وقدم له أحد المصنفين كتابا مصوّرا في مكايد الحروب ومنازلة المدن ، وهو حينئذ على عكّا محاصرا للفرنج ، فقال له : ما نحتاج إلى هذا الكتاب ومعنا أخونا أبو بكر ، وكان كثير المداراة والحزم ، ومن حكاياته في ذلك أن أحد الأشياخ من خواصّه قال له يوما ، وهو على سماطه يأكل : يا خوند ، ما وفيت معي ولا رعيت سابق خدمتي ، وكلمه بدالّة السن وقدم الصحبة قبل الملك ، فقال لمماليكه : انظروا وسطه ، فحلّوا (٣) الكمران وقال : خذوا الصرة التي فيه ، فوجدوا صرّة ، فقال : افتحوها ، ففتحوها فإذا فيها ذرور ، فقال العادل : كل من هذا
__________________
(١) امتشق السيف : استلّه ، والممشوق المعتدل.
(٢) في ب : «الشقيق.
(٣) في ب : «فجسّوا».