فلا تزهدن في الخير قد مات حاتم |
|
وأخباره حتّى القيامة تذكر |
ومع هذا فهو عليه بقدر ما يحتمل من التكليف هذا الأوان ، عارف وجوه الأعذار غير ذي عجل في العتب قبل البيان ، وعند سيدي من التهدي للإيفاء (١) ، ما يحقق فيه جميل الرجاء (٢) ، دامت أرجاؤه مؤملة ، ولا برحت نعمه سابغة مكملة.
٥٣ ـ ومنهم الكاتب أبو عبد الله محمد بن عبد ربه المالقي ـ وقال بعضهم : إنه من الجزيرة الخضراء ، له رحلة إلى الديار المصرية ، صنع فيها مقامه يقول فيها : [الطويل]
وفي جنبات الرّوض نهر ودوحة |
|
يروقك منها سندس ونضار |
تقول وضوء البدر فيه مغربا |
|
ذراع فتاة دار فيه سوار(٣) |
ومن شعره : [السريع]
ما كلّ إنسان أخ منصف |
|
ولا اللّيالي أبدا تسعف |
فلا تضع إن أمكنت فرصة |
|
واصحب من الإخوان من ينصف |
وانتف من الدّهر ولو ريشة |
|
فإنّما حظّك ما تنتف |
وقوله يرثي السيد أبا عمران ابن أمير المؤمنين يوسف ابن أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي ملك المغرب والأندلس : [الطويل]
بجيد المعالي أيّ عقد تبدّدا |
|
وصدر العوالي أيّ رمح تقصّدا |
ولمّا دهت خيل الشّقيّ فجاءة |
|
وسال العدا بحرا من الموت مزبدا |
شهدت بوجه كالغزالة مشرقا |
|
وإن كان وجه الشّمس بالنّقع مربدا(٤) |
عزائم صدق ليس تصرف هكذا |
|
إلى الموت تسعى أو على الموت يعتدى |
وكان السيد أبو عمران المرثي قتله الميورقي صاحب فتنة إفريقية في الهزيمة المشهورة على تاهرت (٥) ، وجمع ابن عبد ربه المذكور شعر السيد أبي الربيع بن عبد الله بن أمير
__________________
(١) في ب ، ه : للإيصاء.
(٢) في ب ، ه : ما يحقق فيه جميع الرجاء.
(٣) في ب : فيه مغرب.
(٤) الغزالة : الشمس.
(٥) الميورقي : هو يحيى بن غانية ، وكان السيد أبو عمران موسى واليا على تلمسان فهاجمه الميورقي وقضى عليه واقتحم مدينة تاهرت ونهبها وخربها (ابن خلدون ج ٦ ص ٢٤٩ ـ ٢٧٨).