انتهى ما وقع عليه
اختياري من كلام أبي نصر الفتح بن عبيد الله رحمه الله تعالى في وصف بعض منتزهات
الأندلس البديعة ، ورياضها المونقة المريعة.
وما أحسن رسالة له
مختصرة كتبها مهنئا بعض ملوك الأندلس بما منحه الله تعالى من التمكين الذي أيده
الله به ونصره ، وقد جوّد أوصافه ، واستطرد منها إلى ذكر الناصر وولده الحكم
اللذين عمرا الزهراء والرّصافة ، ونصها :
أدام الله تعالى
أيام الأمير للأرض يتملّكها ، ويستدير بسعده فلكها ، وقد استبشره الملك أيدك الله
وحقّ له الاستبشار ، فقد أومأ إليه السعد وأشار ، بما اتفق له من توليتك ، وخفق
عليه من ألويتك ، فلقد حبي منك بملك أمضى من السهم المسدّد ، طويل نجاد السيف رحب
المقلّد ، يتقدّم حيث يتأخر الذابل ، ويتكرم إذا بخل الوابل ، ويحمي الحمى كربيعة بن مكدّم ، ويسقي الظبا نجيعا كلون العندم ، فهنيئا للأندلس فقد
استردت عهد خلفائها ، واستجدّت رسوم تلك الإمامة بعد عفائها ، فكأن لم تمت أعاصرها
، ولم يمت حكمها ولا ناصرها ، اللذان عمرا الرصافة والزهرا ، ونكحا عقائل الروم
وما بذلا غير المشرفية مهرا ، والله سبحانه أسأله إظهار أيامك ، وبه أرجو انتشار
أعلامك ، حتى يكون عصرك أجمل من عصرهم ، ونصرك أغرب من نصرهم ، بمنه وكرمه ويمنه.
وقال رحمه الله
تعالى في ترجمة الفقيه القاضي الحافظ أبي محمد عبد الحق بن عطية صاحب التفسير
الشهير بعد كلام كثير ، ما صورته : ومررنا في إحدى نزهنا بمكان مقفر ، وعن المحاسن مسفر ،
وفيه بكير نرجس كأنه عيون مراض ، يسيل وسطه ماء رضراض ، بحيث لا حس إلا للهام ، ولا أنس إلا ما يتعرض للأوهام ،
فقال : [الرمل]
نرجس باكرت منه
روضة
|
|
لذّ قطع الدّهر
فيها وعذب
|
حثّت الرّيح بها
خمر حيا
|
|
رقص النّبت لها
ثمّ شرب
|
فغدا يسفر عن
وجنته
|
|
نوره الغضّ
ويهتزّ طرب
|
خلت لمع الشّمس
في مشرقه
|
|
لهبا يخمد منه
في لهب
|
وبياض الطّلّ في
صفرته
|
|
نقط الفضّة في
خطّ الذّهب
|
وسيأتي إن شاء
الله تعالى كثير من وصف بلاد الأندلس ومنتزهاتها ، وما اشتملت عليه
__________________