وستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى في الباب الخامس.
وعلى ذكر الأنهار والبرك فما أحسن قول بعض الأندلسيين يصف بركة عليها عدة فوّارات : [الكامل]
غضبت مجاريها فأظهر غيظها |
|
ما في حشاها من خفيّ مضمر |
وكأنّ نبع الماء من جنباتها |
|
والعين تنظر منه أحسن منظر |
قضب من البلّور أثمر فرعها |
|
لمّا انتهت باللّؤلؤ المتحدّر |
وقال ابن صارة الأندلسي يصف ماء بالرقة والصفاء [يجري على الصفا](١) : [الكامل]
والنّهر قد رقّت غلالة خصره |
|
وعليه من صبغ الأصيل طراز |
تترقرق الأمواج فيه كأنّها |
|
عكن الخصور تهزّها الأعجاز |
وما أحسن قول بعض الأدباء ولم يحضرني الآن اسمه : [الكامل]
والنّهر مسكوّ غلالة فضّة |
|
فإذا جرى سيلا فثوب نضار |
وإذا استقام رأيت صفحة منصل |
|
وإذا استدار رأيت عطف سوار |
وقال ابن حمديس المغربي يصف نهرا بالصفا (٢) : [الطويل]
ومطّرد الأمواج يصقل متنه |
|
صبا أعلنت للعين ما في ضميره |
جريح بأطراف الحصى كلّما جرى |
|
عليها شكا أو جاعه بخريره |
وهذا النهج متسع ، ولم نطل السير في هذه المهامه ، وإنما ذكرنا بعض كلام المغاربة ليتنبه به منتقصهم من سنة أوهامه ، ولأن في أمرها عبرة لمن عقل ، إذا أصدأ مرآة حسنها ولطالما كان لمتنها (٣) صقل.
وقد وقفت على كلام لصاحب المناهج في هذا المعنى فأحببت ذكره ملخصا ، وهو :
ونلحق بذكر المنازل التي راق منظرها ، وفاق مخبرها ، وارتفع بناؤها ، واتسع فناؤها ، طرفا من الكلام على ما عفاه الدهر من رسومها ، ومحاه من محاسن صور كانت أرواحا لجسومها.
وصف أعرابي محلة قوم ارتحلوا عنها فقال نثرا : ارتحلت عنها ربّات الخدور ، وأقامت
__________________
(١) ما بين حاصرتين غير موجود في ب.
(٢) ديوان ابن حمديس ص ١٨٦.
(٣) في ب ، ه : لمثلها صقل.