قائمة الکتاب
أبو العباس أحمد بن عمر المرسي
٣٣٠
إعدادات
نفح الطّيب [ ج ٢ ]
نفح الطّيب [ ج ٢ ]
المؤلف :الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني
الموضوع :التاريخ والجغرافيا
الناشر :دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :488
تحمیل
١١٦ ـ ومنهم ولي الله العارف به الشيخ الشهير الكرامات ، الكبير المقامات ، سيدي أبو العباس المرسي ، نفعنا الله تعالى به!.
وهو من أكابر الأولياء ، صحب سيدي الشيخ ـ الفرد القطب الغوث الجامع سيدي أبا الحسن الشاذلي ، أعاد الله تعالى علينا من بركاته! وخلفه بعده ، وكان قدم من الأندلس من مرسية ، وقبره بالإسكندرية مشهور بإجابة الدعوات وقد زرته مرارا كثيرة ، ودعوت الله عنده بما أرجو قبوله.
وقد عرّف به الشيخ العارف بالله ابن عطاء الله (١) في كتابه «لطائف المنن في مناقب الشيخ سيدي أبي العباس وشيخه سيدي أبي الحسن ، رضي الله تعالى عنهما».
وقال الصفدي في الوافي : أحمد بن عمر بن محمد الشيخ الزاهد الكبير العارف أبو العباس ، الأنصاري المرسي ، وارث شيخه الشاذلي تصوفا الأشعري معتقدا ، توفي بالإسكندرية سنة ٦٨٦ ، ولأهل مصر ولأهل الثغر فيه عقيدة كبيرة ، وقد زرته لما كنت بالإسكندرية سنة ٧٣٨ ، قال ابن عرّام سبط الشاذلي : ولو لا قوة اشتهاره وكراماته لذكرت له ترجمة طويلة ، كان من الشهود بالثغر ، انتهى.
وكان سيدي أبو العباس يكرم الناس على نحو رتبهم عند الله تعالى ، حتى إنه ربما دخل عليه مطيع فلا يحتفل به ، وربما دخل عليه عاص فأكرمه ، لأن ذلك الطائع أتى وهو متكثّر بعمله (٢) ، ناظر لفعله ، وذلك العاصي دخل بكسر معصيته وذل مخالفته ، وكان شديد الكراهة للوسواس في الصلاة والطهارة ، ويثقل عليه شهود من كان على صفته ، وذكر عنده يوما شخص بأنه صاحب علم وصلاح ، إلا أنه كثير الوسوسة ، فقال : وأين العلم؟ العلم هو الذي ينطبع في القلب كالبياض في الأبيض والسواد في الأسود.
وله كلام بديع في تفسير القرآن العزيز : فمن ذلك أنه قال : قال الله سبحانه وتعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢) [الفاتحة : ٢] علم الله عجز خلقه عن حمده ، فحمد نفسه بنفسه في أزله ، فلما خلق الخلق اقتضى منهم أن يحمدوه بحمده ، فقال (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢) أي : الحمد الذي حمد به نفسه بنفسه هو له ، لا ينبغي أن يكون لغيره ، فعلى هذا تكون الألف واللام للعهد. وقال في قول تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٥) [الفاتحة : ٥] :
__________________
(١) ابن عطاء الله : هو أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله الإسكندري ، الجذامي الشاذلي. صوفي مشارك في أنواع من العلوم. من مؤلفاته : التنوير في إسقاط التدبير في التصوف ، ولطائف المنن في مناقب الشيخ أبي العباس وشيخه أبي الحسن (معجم المؤلفين ج ٢ ص ١٢١).
(٢) في ب : متكثر لعلمه.