إذا تذكّرت أوقاتا نأت ومضت |
|
بقربكم كادت الأحشاء تنفطر |
كأنّني لم أكن بالنّيربين ضحى |
|
والغيم يبكي ومنه يضحك الزّهر(١) |
والورق تنشد ، والأغصان راقصة |
|
والدّوح يطرب بالتّصفيق والنّهر(٢) |
والسّفح أين عشيّاتي الّتي سلفت |
|
لي منه فهي لعمري عندي العمر |
سقاك يا سفح سفح الدّمع منهملا |
|
وقلّ ذاك له إن أعوز المطر |
وله رحمة الله تعالى شروح لمقامات الحريري : كبير ، ووسط ، وصغير ، وفي الكبير من الآداب ما لا كفاء له ، وكان رحمه الله تعالى معجبا بالشام :
وقال ابن الأبار عندما ذكره : إنه شرح مقامات الحريري في ثلاث نسخ : كبراها الأدبية ، ووسطاها اللغوية ، وصغراها المختصرة ، انتهى.
وتوفي بشريش بلده سنة تسع عشرة وستمائة ، رحمه الله تعالى!.
٦٥ ـ ومنهم أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام بن محمد ، الأزدي ، القرطبي ، الملقب بضياء الدين.
أحد الأئمة المتأخرين في القراءات وعلوم القرآن الكريم والحديث النحو (٣) واللغة وغير ذلك.
قال القاضي الشمس ابن خلكان : إنه رحل من الأندلس في عنفوان شبابه وقدم مصر فسمع بالإسكندرية أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي ، وبمصر أبا صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المدني المصري وأبا طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بالسّلفي وغيرهم ، ودخل بغداد سنة ٥١٧ ، وقرأ بها القرآن الكريم على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي المقري المعروف بابن بنت الشيخ أبي منصور الخياط ، وسمع عليه كتبا كثيرة منها كتاب سيبويه ، وقرأ الحديث على أبي بكر محمد بن عبد الباقي البزار المعروف بقاضي المارستان وأبي القاسم بن الحصين وأبي العز وغيرهم ، وكان ديّنا ورعا عليه وقار وسكينة ، وكان ثقة صدوقا ثبتا نبيلا قليل الكلام كثير الخير مفيدا ، أقام بدمشق مدة ، واستوطن الموصل ، ورحل منها إلى أصبهان ، ثم عاد إلى الموصل ، وأخذ عنه شيوخ ذلك العصر ، وذكره الحافظ
__________________
(١) النيربان : مثنى نيرب ، وهي قرية قرب دمشق.
(٢) الورق : جمع ورقاء وهي الحمامة التي يميل لونها إلى الاخضرار.
(٣) في ب : والنحو.