٩٨ ـ ومنهم محمد بن يحيى بن مالك بن يحيى بن عائذ (١) ، ولد (٢) أبي زكريا الراوية.
من أهل طرطوشة ، يكنى أبا بكر ، تأدب بقرطبة ، وسمع بها من قاسم بن أصبغ ، ومحمد بن معاوية القرشي ، وأحمد بن سعيد ، ومنذر بن سعيد ، وأبي علي القالي ، وغيرهم ، وكان حافظا للنحو واللغة والشعر ، يفوت من جاراه على حداثة سنة ، شاعرا مجيدا مرسلا بليغا ، ورحل مع أبيه إلى المشرق سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ، فسمع بمصر من ابن الورد وابن السكن وحمزة الكناني وغيرهم ، وسمع أيضا بالبصرة وبغداد كثيرا ، وخرج إلى أرض فارس فسمع هنالك ، وجمع كتبا عظيمة ، وأقام بها إلى أن توفي بأصبهان معتبطا (٣) مع الستين وثلاثمائة ، ومولده بطرطوشة صدر ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ، ذكره ابن حيان ، رحمه الله تعالى!.
٩٩ ـ ومنهم محمد بن عبدون الجبلي ، العدوي (٤) ، من أهل قرطبة.
أدب بالحساب والهندسة ، ورحل في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة ، فدخل مصر والبصرة ، وعني بعلم الطب فمهر فيه ، ودبر في مارستان الفسطاط ، ثم رجع إلى الأندلس في سنة ستين وثلاثمائة ، فاتصل بالمستنصر بالله وابنه المؤيد بالله ، وله في التكسير تأليف حسن ، رحمه الله تعالى!.
١٠٠ ـ ومنهم أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ، الأزدي ، الفراء ، القرطبي.
صحب أبا بكر بن يحيى بن مجاهد ، واختص به ، ولطف محله منه ، وقرأ عليه القرآن ، ورحل صحبته لأداء فريضة الحج ، وكان رجلا صالحا كثير التلاوة للقرآن والخشوع ، إذا قرأ بكى ورتّل وبيّن في مهل ، ويقول : أبو بكر علمني هذه القراءة ، وحكى أنه سرد الصوم (٥) اثنتي عشرة سنة قبل موت ابن مجاهد مفطرا كلّ ليلة وقت الإفطار ، ثم تمادى على ذلك بعد موته مفطرا عقب العشاء الآخرة لالتزامه الصلاة من المغرب إليها ، تزيّدا من الخير ، واجتهادا في العمل.
__________________
(١) في ب : عائن. وانظر ترجمته في التكملة ص ٣٦٧.
(٢) في ب : والد أبي زكريا.
(٣) معتبطا ، بالعين المهملة : من قولهم «مات فلان عبطة» إذا توفي شابا صحيحا لم تصبه علة ولم ينزل به مرض. وقال أمية بن أبي الصلت :
من لم يمت عبطة يمت هرما |
|
الموت كأس والمرء ذائقها |
(٤) في ب ، ه : العددي.
(٥) سرد الصوم : تابعه.