والقلزم والفرما والإسكندرية ، فبلغت عدة شيوخه إلى مائتين وثلاثين شيخا ، وروى عنه أبو عمر الطلمنكي وجماعة ، وكتب تاريخ مصر عن مؤلفه أبي سعيد بن يونس ، وروى عنه ابن يونس وهو من أقرانه ، وعاد إلى الأندلس من رحلته سنة ٣٤٥ ، واتّصل بالحكم المستنصر ، وصارت له عنده مكانة ، وألف له عدة كتب ، واستقضاه على إستجة ثم على المريّة (١) ، ومات برجب سنة ٣٤٨.
قال الحميدي : هو محدث ، حافظ ، جليل ، صنف كتبا في فقه الحديث ، وفي فقه التابعين : فمنها «فقه الحسن البصري» في سبع مجلدات ، و «فقه الزهري» في أجزاء كثيرة ، وسمع مسند ابن الفرضي وحديث قاسم بن أصبغ.
قال ابن الفرضي : وكان عالما بالحديث ، بصيرا برجاله ، صحيح النقل ، حافظا ، جيد الكتابة على كثرة ما جمع.
وقال ابن عفيف في حقه : إنه كان من أعنى الناس بالعلم ، وأحفظهم للحديث ، وأبصرهم بالرجال ، ما رأيت مثله في هذا الفن ، من أوثق المحدثين بالأندلس ، وأصحهم كتبا ، وأشدهم تعبا لروايته ، وأجودهم ضبطا لكتبه ، وأكثرهم تصحيحا لها ، لم يدع فيها شبهة (٢) ، رحمه الله تعالى!.
١٣٦ ـ ومنهم أبو عبد الله القيسي ، الوضاحي ، محمد بن أحمد بن موسى.
رحل إلى المشرق (٣) ، وسمع من السّلفي وغيره جملة صالحة ، وغيره جملة صالحة ، ثم عاد إلى الأندلس بعد الحج ، وسكن المرية مدّة ، وبها مات سنة ٥٣٩ ، وقيل : في التي بعدها ، وكان من أظرف الناس ، وأحسنهم أدبا ، فقيها ، فاضلا ، ثقة ، ذا فرائد جمة ، عفيفا ، معتنيا بالعلم.
١٣٧ ـ ومنهم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى بن هذيل ، العبدري ، البلنسي.
ولد سنة ٥١٩ ، وسمع من أبيه وجماعة ، ورحل حاجا فسمع من السّلفي وابن عوف والحضرمي والتنوخي والعثماني وغيرهم ، ورجع بعد الحج إلى الأندلس فحدث ، وكان غاية في الصلاح والورع وأعمال البر ، وله حظ من علم العبارة ، ومشاركة في اللغة ، وكتب بخطه على ضعفه كثيرا ، رحمه الله تعالى!.
__________________
(١) إستجة : بين القبلة والغرب من قرطبة ، بينهما مرحلة كاملة ، (صفة جزيرة الأندلس ص ١٤).
(٢) في ب ، ه : لا يدع فيها شبهة.
(٣) في ب ، ه : رحل من المغرب.