ورحم الله تعالى ابن مالك! فلقد أحيا من العلم رسوما دلوسة (١) ، وبين معالم طامسة ، وجمع من ذلك ما تفرق ، وحقق ما لم يكن تبين منه ولا تحقق ، ورحم شيخه ثابت بن الخيار ، فإنه كان من الثقات الأخيار! وهو أبو المظفر ثابت بن محمد بن يوسف بن الخيار الكلاعي ـ بضم الكاف على ما كان يضبط بيده فيما حكاه ابن الخطيب في الإحاطة ـ وأصله من لبلة ، ويعد في أهل جيّان وتوفي بغرناطة سنة ٦٢٨ ، وكان أبو حيّان يغض من هذا الكتاب ويقول : ما فيه من الضوابط والقواعد حائد عن مهيع الصواب والسداد ، وكثيرا ما يشير إلى ذلك في شرحه المسمى بمنهج السالك (٢) ، ومن غضّه منه بالنظم في ملأ من الناس من جملتهم شيخه بهاء الدين بن النحاس والأقسراني يجاريه مقتفيا له ومتأسيا في تسويد القرطاس : [مجزوء الرجز]
ألفيّة ابن مالك |
|
مطموسة المسالك |
وكم بها مشتغل |
|
أوقع في المهالك |
ولا تغتر أنت بهذا الغرر ، فإنه ما كل سحاب أبرق ممطر ، ولا كل عود أورق مثمر ، وقيل معارضة للقوم ، وتنبيها لهم مما هم فيه من النوم : [مجزوء الرجز]
ألفيّة ابن مالك |
|
مشرقة المسالك |
وكم بها من مشتغل |
|
علا على الأرائك |
وما أحسن قول ابن الوردي في هذا المعنى : [الرجز]
يا عائبا ألفيّة ابن مالك |
|
وغائبا عن حفظها وفهمها |
أما تراها قد حوت فضائلا |
|
كثيرة فلا تجر في ظلمها |
وازجر لمن جادل من يحفظها |
|
برابع وخامس من اسمها |
يعني «صه» فإنه عند الاستقلال بمعنى اسكت ، انتهى ملخصا.
وقال أيضا عند ذكره مصنفات ابن مالك : وهي كما قيل غزيرة المسائل ، ولكنها على الناظر بعيدة الوسائل ، وهي مع ذلك كثيرة الإفادة ، موسومة بالإجادة ، وليست هي (٣) لمن هو في هذا الفن في درجة ابتدائه ، بل للمتوسط يترقى بها درجة انتهائه ، انتهى.
__________________
(١) في ب : رسوما دارسة.
(٢) جاء في بغية الوعاة ج ١ ص ٤٨٢ : ثابت بن محمد بن يوسف بن حيان الكلاعي أبو الحسين الغرناطي. كان فاضلا نحويا ماهرا مقرئا ، معروفا بالزهد والفضل والجودة والانقباض.
(٣) هي : ساقطة من ب.