من ماء المطر الساعة ، فرمق السماء بطرفه ، ودعا الله سبحانه وتعالى ، ورفع يده به ، وشرع المؤذن في الأذان ، ولم يختم المؤذن أذانه حتى كان المطر كأفواه القرب.
وتوفي رحمه الله تعالى بحماة من بلاد الشام سنة سبع وثلاثين وستمائة ، انتهى ملخصا من «عنوان الدراية» للغبريني (١).
ووقع للذهبي في حقه كلام على عادته في الحط على هذه الطائفة ، ثم قال : ورأيت شيخنا المجد التونسي يتغالى في تفسيره ، ورأيت غير واحد معظما له وموقرا (٢) وقوما تكلموا في عقيدته ، وكان نازلا عند قاضي حماه البارزي وقال لنا شرف الدين البارزي : تزوج بحماة ، وكانت زوجته تشتمه وتؤذيه ، وهو يتبسم ، وإن رجلا راهن جماعة على أن يحرجه ، فقالوا : لا تقدر ، فأتى وهو يعظ وصاح ، وقال له : أنت أبوك كان يهوديا وأسلم ، فنزل من الكرسي ، فاعتقد الرجل أنه غضب وأنه تم له ما رامه حتى وصل إليه فخلع مرطيه (٣) عليه ، وأعطاه إياهما ، وقال له : بشّرك الله بالخير! لأنك شهدت لأبي أنه كان مسلما ، انتهى.
وظاهر كلام الغبريني أن تفسير الشيخ الحرالي كامل ، وقال بعضهم : إنه لم يكمل ، وهو تفسير حسن ، وعليه نسج البقاعيّ مناسباته ، وذكر أن الذي وقف عليه منه من أول القرآن إلى قوله في سورة آل عمران (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) [آل عمران : ٣٧].
وكلام الذهبي في الشيخ يرده كلام الغبريني ، إذ هو أعرف به ، والله تعالى أعلم.
وحكى الغبريني أنه أنشد بين يديه الزجل المشهور :
جنّان يا جنّان |
|
اجن من البستان |
الياسمين |
||
واترك الرّيحان |
|
بحرمة الرّحمن |
للعاشقين |
فسأل بعض عن معناه ، فقال بعض الحاضرين : أراد به العذار ، وقال آخر : إنما أشار إلى دوام العهد ، لأن الأزهار كلها ينقضي زمانها إلا الريحان فإنه دائم ، فاستحسن الشيخ هذا أو وافق عليه.
__________________
(١) الغبريني : هو أحمد بن أحمد بن عبد الله الغبريني البجاوي. مؤرخ أديب له : عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية (معجم المؤلفين ج ١ ص ١٥١).
(٢) وموقرا : غير موجودة في ب.
(٣) في ه : «فخلع قرطيه» والمرط : كساء من صوف أو كتان أو حرير يؤتزر به.