وقال ابن الأبار : هو من أهل المريّة ، وقال ابن النجار : أقام بإشبيلية إلى سنة ٥٩٨ ، ثم دخل بلاد المشرق ، وقال ابن الأبار : إنه أخذ عن مشيخة بلده ، ومال إلى الآداب ، وكتب لبعض الولاة ، ثم رحل إلى المشرق حاجا ، ولم يعد بعدها إلى الأندلس ، وقال المنذري : ذكر أنه سمع بقرطبة من أبي القاسم بن بشكوال وجماعة سواه ، وطاف البلاد ، وسكن بلاد الروم مدّة ، وجمع مجاميع في الطريقة ، وقال ابن الأبار : إنه لقيه جماعة من العلماء والمتعبدين ، وأخذوا عنه ، وقال غيره : إنه قدم بغداد سنة ٦٠٨ ، وكان يومأ إليه بالفضل والمعرفة ، والغالب عليه طرق أهل الحقيقة ، وله قدم في الرياضة والمجاهدة وكلام على لسان أهل التصوّف ، ووصفه غير واحد بالتقدّم والمكانة من أهل هذا الشأن بالشام والحجاز ، وله أصحاب وأتباع.
ومن تأليفه (١) مجموع ضمنه منامات رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم وما سمع منه ومنامات قد حدث بها عمن رآه صلى الله عليه وسلم.
قال ابن النجار : وكان قد صحب الصوفية ، وأرباب القلوب ، وسلك طريق الفقر ، وحج وجاور ، وكتب في علم القوم ، وفي أخبار مشايخ المغرب وزهادهم (٢) ، وله أشعار حسنة ، وكلام مليح ، اجتمعت به في دمشق في رحلتي إليها ، وكتبت عنه شيئا من شعره ، ونعم الشيخ هو ، ذكر لي أنه دخل بغداد سنة ٦٠١ ، فأقام بها اثني عشر يوما ، ثم دخلها ثانيا حاجا مع الركب سنة ٦٠٨ ، وأنشدني لنفسه : [الطويل]
أيا حائرا ما بين علم وشهوة |
|
ليتّصلا ، ما بين ضدّين من وصل |
ومن لم يكن يستنشق الرّيح لم يكن |
|
يرى الفضل للمسك الفتيق على الزّبل(٣) |
وسألته عن مولده فقال : ليلة الاثنين ١٧ رمضان سنة ٥٦٠ بمرسية من بلاد الأندلس ، انتهى.
وقال ابن مسدي : إنه كان جميل الجملة والتفضيل ، محصلا لفنون العلم أخص تحصيل ، وله في الأدب الشأو الذي لا يلحق ، والتقدم الذي لا يسبق ، سمع ببلاده من ابن زرقون والحافظ ابن الجد وأبي الوليد الحضرمي ، وبسبتة من أبي محمد بن عبد الله ، وقدم عليه إشبيلية أبو محمد عبد المنعم بن محمد الخزرجي فسمع منه ، وأبو جعفر بن مصلّي ، وذكر أنه لقي عبد الحق الإشبيلي ، وفي ذلك عندي نظر ، انتهى.
__________________
(١) في ب : ومن تآليفه.
(٢) في ب : وزهادها.
(٣) المسك الفتيق : أراد الصريح الفائح الرائحة.