قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفح الطّيب [ ج ٢ ]

307/488
*

قلت : لا نظر في ذلك ، فإن سيدي الشيخ محيي الدين ذكر في إجازته للملك المظفر غازي بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب ما معناه أو نصه : ومن شيوخنا الأندلسيين أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الإشبيلي ، رحمه الله تعالى! حدثني بجميع مصنفاته في الحديث ، وعين لي من أسمائها تلقين المهتدي ، والأحكام الكبرى ، والوسطى ، والصغرى ، وكتاب التهجد ، وكتاب العاقبة ، ونظمه ونثره ، وحدثني بكتب الإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم عن أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح عنه ، انتهى.

وقال : إن الحافظ السّلفي أجاز له ، انتهى.

قال بعض الحفاظ : وأحسبها الإجازة العامة ، وكان ظاهري المذهب في العبادات ، باطني النظر في الاعتقادات ، وكان دفنه يوم الجمعة بجبل قاسيون ، واتفق أنه لما أقام ببلاد الروم زكاه ذات يوم الملك فقال : هذا تذلّ له الأسود ، أو كلاما هذا معناه ، فسئل عن ذلك ، فقال : خدمت بمكة بعض الصلحاء ، فقال لي يوما : الله يذلّ لك أعز خلقه ، وأمر له ملك الروم مرة بدار تساوي مائة ألف درهم ، فلما نزلها وأقام بها مرّ به في بعض (١) الأيام سائل ، فقال له : شيء لله ، فقال : ما لي غير هذه الدار ، خذها لك ، فتسلّمها السائل وصارت له.

وقال الذهبي في حقه : إن له توسعا في الكلام ، وذكاء ، وقوة خاطر ، وحافظة ، وتدقيقا في التصوف ، وتواليف جمة في العرفان ، لو لا شطحه في كلامه وشعره (٢) ، ولعل ذلك وقع منه حال سكره وغيبته ، فيرجى له الخير ، انتهى.

وقال القطب اليونيني في ذيل «مرآة الزمان» : عن سيدي الشيخ محيي الدين. رضي الله تعالى عنه ونفعنا به! ـ أنه كان يقول : إني أعرف اسم الله الأعظم ، وأعرف الكيمياء ، انتهى.

وقال ابن شودكين عنه : إنه كان يقول : ينبغي للعبد أن يستعمل همته في الحضور في مناماته ، بحيث يكون حاكما على خياله يصرفه بعقله نوما ، كما كان يحكم عليه يقظة ، فإذا حصل للعبد هذا الحضور وصار خلقا له وجد ثمرة ذلك في البرزخ وانتفع به جدا ، فليهتم العبد بتحصيل هذا القدر ، فإنه عظيم الفائدة بإذن الله تعالى.

وقال : إن الشيطان ليقنع من الإنسان بأن ينقله من طاعة إلى طاعة ليفسخ عزمه بذلك.

وقال : ينبغي للسالك أنه متى حضر له أنه يعقد على أمر ويعاهد الله تعالى عليه أن يترك

__________________

(١) في ه : مرّ به بعض الليالي سائل.

(٢) للصوفية مصطلحات في ألفاظهم وإشارات خفية وتلويحات ، فمن حاول حمل كلامهم على أوضاع اللغة وعرف الشرع كان كمن حمل كلام لغة على لغة أخرى.