فما ساعدت ورق الحمام أخا أسى |
|
ولا روّحت ريح الصّبا عن أخي كرب |
ولا استعذبت عيناي بعدهما كرى |
|
ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب |
أحنّ ويثني اليأس نفسي عن الأسى |
|
كما اضطرّ محمول على المركب الصّعب |
وله يرثى ابنه محمدا : [الكامل]
أمحمّدا ، إن كنت بعدك صابرا |
|
صبر السّليم لما به لا يسلم |
ورزئت قبلك بالنّبيّ محمد |
|
ولرزؤه أدهى لديّ وأعظم(١) |
فلقد علمت بأنّني بك لا حق |
|
من بعد ظنّي أنّني متقدّم |
لله ذكر لا يزال بخاطري |
|
متصرّف في صبره متحكّم(٢) |
فإذا نظرت فشخصه متخيّل |
|
وإذا أصخت فصوته متوهّم(٣) |
وبكلّ أرض لي من اجلك لوعة |
|
وبكلّ قبر وقفة وتلوّم (٤) |
فإذا دعوت سواك حاد عن اسمه |
|
ودعاه باسمك معول بك مغرم |
حكم الرّدى ومناهج قد سنّها |
|
لأولي النّهى والحزن قبل متمّم (٥) |
ولعمري إنه لم يوف القاضي أبا الوليد الباجي حقه الواجب المفترض ، ووددت أنه مدّ النفس في ترجمته بعبارة يعترف (٦) ببراعتها من سلّم له ومن اعترض ، فإن ترجمة المذكور مما سطره أفسح مجالا ، وأفصح رويّة وارتجالا ، وبالجملة فهو أحد الأعلام بالأندلس (٧) ، وهو سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التّجيبي ، وذكره ابن بسّام في الذخيرة وابن خلّكان وغير واحد ، وأصله من بطليوس ، وانتقل جده إلى باجة قرب إشبيلية ، وليس هو من باجة القيروان ، ومولده سنة ٤٠٣ ، ورحل سنة ٤٢٦ ، فقدم مصر ، وسمع بها ، وأجر نفسه ببغداد لحراسة الدروب ، وكان لما رجع إلى الأندلس يضرب ورق الذهب ، ويعقد الوثائق ، إلى أن فشا علمه ، وتهيأت له الدنيا ، وشهرته تغني عن وصفه.
__________________
(١) الرزء : المصيبة.
(١) الرزء : المصيبة.
(٢) في ب ، ه : مستحكم.
(٣) أصخت : سكت.
(٤) التلوّم : التمهل ، والانتظار ، والتلبث.
(٥) متمم : هو متمم بن نويرة الذي أكثر من رثاء أخيه مالك حين قتله خالد بن الوليد.
(٦) في ب ، ه : بعبارته التي يعترف ببراعتها.
(٧) في ب ، ه : أحد أعلام الأندلس.