عليه ، فسألني بالله (١) من أين قلت هذا؟ قلت له : من قول الله عز وجل (٢)(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) ـ إلى قوله تعالى ـ (وَلَداً) [مريم : ٩٠ ، ٩٢] فقال لي : لله درك يا سيدي! وأقبل يقبل رأسي وبين عيني ، ويبكي مرة ويضحك أخرى ، ثم قال لي : أنا صاحب الرؤيا ، واسمع تمامها يشهد لك بصحة تأويلك ، قال : إنه لما رأيتني في ذلك الفزع العظيم كنت أقول : والله ما هذا إلا أنني أقول وأعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب ، فكنت أبكي وأقول : أنا تائب يا رسول الله ، وأكرّر ذلك مرارا ، فأرى القبر قد عاد إلى هيأته أوّلا ، وسكن ، فاستيقظت ، ثم قال لي : وأنا أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كتب قط حرفا ، وعليه ألقى الله تعالى ، فقلت : الحمد لله الذي أراك البرهان ، فاشكر له كثيرا ، انتهى.
وقال ابن الأبار : حدثني بهذه الحكاية أبو الربيع بن سالم بقراءتي عليه ، عن الكاتب أبي بكر عبد الرحمن بن مغاور قراءة عليه ، عن القاضي أبي جعفر (٣) أحمد بن عبد الرحمن بن جحدر ، عن أبي الحسن طاهر بن مفوز قال : كان أبو محمد ـ إلى آخرها ، وهي أتم من هذه ، انتهى.
رجع إلى الباجي ـ ذكر أبو العرب عبد الوهاب البقساني بسنده إلى القاضي أبي الوليد الباجي أنه كان يقول ، وقد ذكرت له صحبة السلطان : لو لا السلطان لنقلتني الذر من الظل إلى الشمس ، أو ما هذا معناه ، انتهى.
ومن فوائد الباجي أنه حكى أن الطلبة كانوا يتناوبون (٤) مجلس أبي علي البغدادي ، واتفق أنه كان يوم مطر (٥) ووحل ، فلم يحضر من الطلبة سوى واحد ، فلما رأى الشيخ حرصه على الاشتغال وإتيانه في تلك الحال أنشده : [البسيط]
دببت للمجد والسّاعون قد بلغوا |
|
حدّ النّفوس وألقوا دونه الأزرا |
وكابدوا المجد حتّى ملّ أكثرهم |
|
وعانق المجد من وافى ومن صبرا |
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله |
|
لن تبلغ المجد حتّى تلعق الصّبرا(٦) |
وروى عن القاضي أبي الوليد الباجي رحمه الله تعالى الخطيب البغدادي قوله رحمه الله تعالى : [المتقارب]
__________________
(١) بالله : غير موجودة في ب.
(٢) في ب : قول الله تعالى.
(٣) في ب ، ه : أبي حفص.
(٤) في ب ، ه : ينتابون.
(٥) في ب ، ج : يوما مطر ووحل.
(٦) وردت الأبيات في أمالي القالي ج ١ ص ١١٢.
وقد أوردها بعد قوله : وقرأت على أبي بكر بن دريد لبعض العرب :