وأمّا قوله : « وإن كان باطلا فيكون غلطا في عقيدة » ..
ففيه : إنّهم لم يستوجبوا ذلك لمجرّد الغلط ، بل للإصرار عليه عنادا للحقّ ، وجرأة على الله تعالى ، بعد البيان بصريح الكتاب العزيز والسنّة الواضحة وحكم العقل الضروري ، ولو دعاهم إلى ذلك تنزيه الله تعالى عن الحاجة والنقص لما جعلوه محتاجا في كلّ آثاره إلى غيره ، وهو صفاته الزائدة على ذاته بزعمهم! وكيف يكون ذلك تنزيها وقد أوضح لهم الإمامية أنّه ليس من الاحتياج والنقص في شيء؟! بل الغرض كمال للتأثير وشاهد بكمال المؤثّر.
ومن المضحك وعظه في المقام وإنكاره على المصنّف رحمهالله في ترجيح اليهود والنصارى على الأشاعرة ، والحال أنّه قد جاء بأكبر منه قريبا ، حيث جعل مذهب العدلية أردأ من مذهب المجوس.
وأمّا ما زعمه من أنّ تأخّر زمن الأشعري والأشاعرة عن الصادق عليهالسلام مناف لإرادته لهم ..
ففيه : إنّه إذا جاز لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إرادتهم أو المعتزلة على الخلاف بينهم من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « القدرية مجوس هذه الأمّة » (١) ، فليجز للصادق عليهالسلام إرادتهم ؛ لأنّ علمه من علم جدّه ، واصل إليه من باب مدينة علمه (٢) ، وهو أحد أوصيائه الطاهرين.
__________________
(١) سنن أبي داود ٤ / ٢٢١ ح ٤٦٩١ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٢ / ٣٤١ رقم ٢٦٨١ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ١٤٩ ح ٣٣٨ ، المعجم الأوسط ٣ / ١٢٧ ح ٢٥١٥ وج ٤ / ٤٦٤ ح ٤٢٠٥.
(٢) إشارة إلى قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم