ثمّ إنّ التمثيل بالبيت إنّما يناسب القول بالأصلح الذي لا يراه الأشاعرة ، وقد ذكره بعض المحقّقين (١) لتقريبه ، فأخذه الخصم من غير تدبّر ، ووضعه في غير موضعه ، على غير موافقة لمذهبه!
وما أدري ما فائدة ذكر استعمال العبيد بلا أجرة وهو لا يقرّب مطلوبه ولا يخالف قولنا؟!
وأمّا ما ذكره من حمل العبد فوق طاقته ، وقطع القوت واللباس عنه ، وأنّه ظلم وجور ، فهو أقرب إلى مطلوبنا ؛ لأنّ الظلم إنّما يكون فيه من حيث هو ، لا من حيث عدم إذن الشارع فيه ، بل لو أذن فيه عدّ آذنا في الجور ، وعدّ إذنه جورا آخر ، وأعظم منه في ظلم خلق الفعل في العبد وتعذيبه عليه بأنواع العذاب.
ودعوى أنّ لله سبحانه ذلك ، لأنّه المالك المطلق ، ممنوعة ؛ لأنّ الملك المطلق : عبارة عن سلطنة مطلقة غير مقيّدة بوجه ، ولا نسلّم أنّ من أحكامها وآثارها جواز الإضرار بالعبد بلا منفعة له ولا ذنب منه ، بل أحكامها وشؤونها رعاية العبد ورحمته وإنصافه ، وأيّ عاقل لا يعدّ ذلك الإضرار من التصرّف القبيح والظلم الصريح؟!
* * *
__________________
(١) ذكره العلّامة الدواني في بعض رسائله لبيان القول بالأصلح بنظام الكلّ ، كما في إحقاق الحقّ ٢ / ٢٨.