النّسخ بدل قوله : دون المشترك ، دون الكناية ، وهو سهو (١) ، لأنّه إن أريد أنّ الكناية بالنّسبة إلى معناها الأصلي موضوعة ، فكذا المجاز (٢) ضرورة أنّ الأسد في قولنا : رأيت أسدا يرمي ، ـ موضوع للحيوان المفترس وإن لم يستعمل فيه ، وإن أريد أنّها موضوعة بالنّسبة إلى معنى الكناية ، أعني لازم المعنى الأصلي ففساده ظاهر ، لأنّه (٣) لا يدلّ عليه بنفسه ، بل بواسطة القرينة. لا يقال (٤) : معنى قوله : بنفسه ، أي من غير قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له ، أو
________________________________________________________
القرينة فيه لتعيين المراد لا لأجل وجود أصل الدّلالة على المراد.
(١) أي دون الكناية بدل دون المشترك على ما وقع في كثير من النّسخ ، سهو من النّاسخ أو من المصنّف ، فالصّحيح دون المشترك لا دون الكناية.
(٢) أي فحكم المجاز كذلك وحينئذ فلا وجه لخروج المجاز عن كونه موضوعا دون الكناية.
(٣) قوله : «لأنّه» علّة للفساد ، توضيح ذلك : أنّ اللّفظ لا يدلّ على لازم المعنى بنفسه ، بل يدلّ بواسطة القرينة كالمجاز ، فحينئذ لا وجه لإخراج أحدهما أعني الكناية دون الآخر أعني المجاز.
(٤) أي لا يقال في الجواب عن المصنّف على هذه النّسخة ، أو في دفع السّهو عليها ، وحاصله جوابان ، تقرير الجواب الأوّل : أن يقال إنّا نختار الاحتمال الثّاني أعني كون الكناية موضوعة بالنّسبة إلى المعنى الكنائي ، ولا نسلّم ما ذكر من الفساد ومعنى قوله : «في تعريف الوضع» من قوله : «بنفسه» أي من غير قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له ، وليس معناه من غير قرينة مطلقا ، كما تقدّم ، وحيث كان معناه ما ذكر فيخرج المجاز دون الكناية ، لأنّ المجاز فيه تعيين اللّفظ للدّلالة على المعنى بواسطة القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له ، وأمّا الكناية ففيها تعيين اللّفظ ليدلّ بنفسه لا بواسطة القرينة المانعة ، لأنّ القرينة فيها ليست مانعة عن إرادة الموضوع له ، فيجوز فيها أن يراد من اللّفظ معناه الأصلي ولازم ذلك المعنى ، فقول المعترض لأنّه لا يدلّ عليه بنفسه ، بل بواسطة القرينة ممنوع.
وتقرير الجواب الثّاني :
أن يقال نختار الثّاني ولا نسلّم ما ذكر من الفساد ، ومعنى قوله : «في تعريف الوضع بنفسه» أي من غير قرينة لفظيّة ، وحينئذ فيخرج المجاز دون الكناية ، لأنّ المجاز قرينته لفظيّة والكناية