لأنّ اختلاف المراتب قد يكون باعتبار اختلاف المشبّه به (١) نحو : زيد كالأسد ، وزيد كالذّئب في الشّجاعة ، وقد يكون باختلاف الأداة ، نحو : زيد كالأسد ، وكأنّ زيدا الأسد (٢).
وقد يكون باعتبار ذكر الأركان كلّها أو بعضها ، بأنّه إذا ذكر الجميع (٣) فهو أدنى المراتب ، وإن حذف الوجه والأداة فأعلاها ، وإلّا فمتوسّط. ـ وقد توهّم (٤) بعضهم أنّ قوله : باعتبار ، متعلّق بقوّة المبالغة ، فاعترض بأنّه لا قوّة
________________________________________________________
(١) أي قوّة وضعفا ، فإذا كان المشبّه به قويّا في وجه الشّبه كان التّشبيه مرتبته أقوى من مرتبة ما كان المشبّه به ضعيفا في وجه الشّبه ، فقولنا : «زيد كالأسد في الشّجاعة» ، أبلغ وأقوى من قولنا : «زيد كالذّئب في الشّجاعة» ، لقوّة المشبّه به في وجه الشّبه في الأوّل ، وضعفه في الثّاني.
(٢) أي التّشبيه الثّاني أبلغ من الأوّل ، لأنّ «كأنّ» للظّنّ ، وهو قريب من العلم ، فالمعنى أظنّ أنّ زيدا أسد لشدّة المشابهة بينهما.
(٣) أي لفظا أو تقديرا ، فيشمل ما إذا حذف المشبّه لفظا في الأوّل ، نحو :
زيد كالأسد في الشّجاعة ، والثّاني كما إذا سئل عن حال زيد ، فقيل : كالأسد في الشّجاعة «فهو» أي ذكر الجميع لفظا وتقديرا أدنى المراتب ، أي مرتبته أدنى المراتب ، ولا قوّة في هذه المرتبة لتخصيص وجه الشّبه ، وعدم ادّعاء أنّ المشبّه عين المشبّه به مبالغة ، وإن حذف الوجه والأداة ، فأعلى مراتب التّشبيه وأقواها لاجتماع موجب القوّتين فيها ، أعني عموم وجه الشّبه ، وادّعاء كون المشبّه عين المشبّه به ، «وإلّا فمتوسّط» أي وإن لم يحذف الوجه والأداة معا ، أي بأن حذف أحدهما ، فمتوسّط ، أي فمرتبته متوسّطة بين الأعلى والأدنى ، لاشتمالها على أحد موجبي القوّة ، مثال حذف الوجه ، نحو : زيد كالأسد ، ومثال حذف الأداة ، نحو : زيد أسد.
(٤) أي توهّم الخلخالي ، أي وقع في وهمه وذهنه أنّ قوله : «باعتبار» متعلّق ب «قوّة المبالغة».