فالتّشبيه مكنّى (١) غير مصرّح به ، وإن كان من لقيته بمعنى قابلته (٢) وعارضته فهو فعل ينبئ عن التّشبيه ، أي لم يقابله في الحسن والبهاء إلّا بوجه ليس فيه حياء [وقوله (١) : عزماته مثل النّجوم ثواقبا] أي لوامعا [لو لم يكن للثّاقبات أفول (٣)] فتشبيه العزم بالنّجم مبتذل (٤) إلّا أنّ اشتراط عدم الأفول أخرجه إلى الغرابة.
________________________________________________________
الشّمس لا تبصر حقيقة.
(١) أي لأنّ قوله : «ليس فيه حياء» يدلّ على أنّ وجه الممدوح أعظم منها إشراقا وضياء ، وهذا يستلزم اشتراكهما في أصل الإشراق والضّياء ، فيثبت التّشبيه ضمنا لا صريحا ، فقول الشّارح غير مصرّح به تفسير لمكنّى ، وليس المراد الكناية بالمعنى المشهور ، لأنّ المذكور في البيت ملزوم التّشبيه ، وهو نفي الحياء المستلزم لكون الوجه أعظم إشراقا.
(٢) أي ماثلته «فهو» أي تلق «فعل ينبئ عن التّشبيه ، أي لم يقابله في الحسن والبهاء إلّا بوجه ليس فيه حياء». فيكون التّشبيه مصرّحا به ، حيث إنّ المعنى عندئذ إنّ الشّمس لا تماثل ولا تعارض وجه الممدوح في المشابهة إلّا بوجه ليس له حياء.
(٣) شرح مفردات البيت : «العزمات» كعرصات جمع عزم ، وهو بالزّاء المعجمة ، بمعنى القصد و «النّجوم» جمع نجم ، وهو الكوكب «الثّواقب» جمع ثاقب بالمثلّثة والقاف والموحّدة ، بمعنى اللّامع «الأفول» بضمّ الألف والفاء وسكون الواو ، بمعنى الغروب.
والشّاهد في البيت : كونه مشتملا على تشبيه مبتذل طبعا ، ولكن أخرجه عن الابتذال تقييد المشبّه به بقوله : لو لم يكن للثّاقبات أفول.
(٤) لأنّ أبناء المحاورة يشبّهون العزم بالنّجم كثيرا في النّفوذ الّذي هو في كلّ منهما تخييليّ ، فيكون مبتذلا لظهور وجه الشّبه وعدم توقّفه على نظر وتأمّل ، ولكنّ الشّرط المذكور أخرجه إلى الغرابة.
وتوضيح ذلك :
إنّ وجه الشّبه في هذا التّشبيه ليس دقيقا ، لأنّ كلّ أحد ينتقل منه إلى أنّه النّفوذ والثّقوب على نحو التّخييل ، حيث إنّه في العزم بلوغه المراد ، وفي النّجم نفوذه في الظّلمات بإشراقها ورفعها به ، لكن اعتبر في جانب المشبّه وصفا زائدا على
__________________
(١) أي قول الوطواط من شعراء الدّولة العبّاسيّة.