فقيل له : أين
يذهب بك؟ هذا للحطيئة ، فقال : الآن علمت أنّي شاعر ، إذ وافقته على قوله : ولم
أسمعه ، [فإذا لم يعلم (١)] أنّ الثّاني أخذ من الأوّل [قيل : قال فلان كذا وسبقه
إليه فلان ، فقال كذا] ليغتنم بذلك فضيلة الصّدق ، ويسلم من دعوى علم الغيب ونسبة
النّقص إلى الغير. وممّا يتّصل بهذا الرّأي بالقول في السّرقات [القول في الاقتباس
والتّضمين والعقد والحل والتّلميح] بتقديم اللّام على الميم من ـ لمحه إذا أبصره ـ
وذلك لأنّ في كلّ منها أخذ شيء من الآخر.
[أمّا الاقتباس
(٢) فهو أن يضمن الكلام ، نظما كان أو نثرا ، [شيئا من القرآن أو الحديث لا على
أنّه منه] أي لا على طريقة أنّ ذلك الشّيء من القرآن أو الحديث ، يعنى على وجه لا
يكون فيه (٣) إشعار بأنّه منه ، كما يقال في أثناء الكلام : قال الله تعالى كذا ،
وقال النّبي عليهالسلام كذا ، ونحو ذلك ، فإنّه لا يكون اقتباسا ، ومثّل (٤)
________________________________________________________
(١) أي أنّ
الشّاعر الثّاني أخذ من الشّاعر الأوّل «قيل : قال فلان كذا ، وقد سبقه إليه فلان»
سواء كان القول الثّاني مخالفا للقول الأوّل من بعض الوجوه أم لا ، وإنّما يقال
ذلك ،
ولا يقال :
إنّ الثّاني
أخذ وسرق من الأوّل ، «ليغتنم بذلك» القول ، أي بقول : «قال فلان كذا ، وسبقه إليه
فلان» فضيلة الصّدق والاحتراز عن الكذب ، لأنّه لو قيل : إنّ الثّاني سرق من
الأوّل ، وأخذ منه لم يؤمن أن يخالف الواقع.
(٢) لغة فهو
أخذ النّار من معظمها ، وأمّا اصطلاحا «فهو أن يضمن ...».
(٣) أي في
تضمين ذلك ـ الشّيء «إشعار بأنّه» أي ذلك الشّيء من القرآن أو الحديث ، وهذا
الشّرط احتراز عمّا يقال في أثناء الكلام : قال الله تعالى كذا ، وقال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كذا ، ممّا يراد به نفس كلام الله أو النّبي أو أحد
إلّائمة المعصومين عليهمالسلام فإنّ شيئا من ذلك لا يكون اقتباسا اصطلاحا.
(٤) أي ومثّل
الخطيب في هذا الكتاب بأربعة أمثلة ، لأنّ الاقتباس إمّا من القرآن أو من الحديث ،
وعلى التّقديرين فالكلام إما منثور أو منظوم.