[من ملامكما سفاها] أي خفّة وقلّة عقل [فداعي الشّوق قبلكما دعاني] من الدّعاء ، وهذا فيما يكون المتجانس الآخر في صدر المصراع الأوّل ، [وقوله (١) : وإذا البلابل] جمع بلبل ، وهو طائر معروف [أفصحت بلغاتها (٢) فانف (٣) البلابل] ـ جمع البلبال وهو الحزن ، [باحتساء (٤) بلابل] جمع بلبلة بالضّم وهو إبريق فيه الخمر. وهذا فيما يكون المتجانس الآخر أعني البلابل الأوّل في حشو المصراع الأوّل لا صدره ، لأنّ صدره هو قوله : وإذا ،
________________________________________________________
يترك ، لا تثنية دعا يدعو بمعنى طلب يطلب.
والشّاهد في «دعاني» الواقع في صدر المصراع الأوّل ، و «دعاني» الواقع في آخر البيت ، وهما ليسا مكرّرين بل متجانسين ، لأنّ الأوّل كما تقدّم بمعنى أتركاني ، والثّاني بمعنى ناداني.
(١) أي قول أبي منصور الثّعالبي من شعراء الدّولة العباسيّة.
(٢) أي خلصت لغاتها من اللّكنة وجادت ، فلم يلحن ، أي لم يغلط ، والمراد بلغاتها النّغمات الّتي تصدر منها جعل كلّ نغمة لغة.
(٣) فعل أمر من نفي ينفى.
(٤) الاحتساء معناه الشّرب ، وحاصل المعنى : أنّه إذا ـ حرّكت البلابل بنغماتها الحسان الخالصة من اللّكنة أحزانك وأشواقك ، حيث إنّ الصّوت الحسن يحرّك الأحزان والأشواق ، فأنف وباعد عنك تلك الأحزان بالشّرب من أباريق الخمر.
والشّاهد باعتبار لفظ البلابل الأوّل الواقع في حشو المصراع الأوّل ، والبلابل الآخر الواقع في آخر المصراع الثّاني. هذا هو مثال القسم الثّاني.
والثّالث ما يكون المتجانس الآخر في آخر المصراع الأوّل هذا ما أشار إليه بقوله «فمشغوف بآيات المثاني» هو القرآن «ومفتون برنّات المتاني».
والشّاهد في أن المثاني الأوّل وقع في آخر المصراع الأوّل ، والثّاني في العجز ، وهما متجانسان إذ المراد بالمثاني الأوّل القرآن ، لأنّه تثنّى فيه القصص والوعد والوعيد ، ويطلق لفظ المثاني على الفاتحة منه ، لأنّها تثّنى في كلّ ركعة.
والمراد بالمثاني الثّاني أوتار المزامير لأنّها طاقات تثنّى إلى ضمّ بعضها إلى بعض ، ورنّاتها نغماتها.