هو بفتح اللّام شبه جنون يحدث للإنسان من عضّ الكلب الكلب ، إذ لا دواء له أنجع من شرب دم ملك ، كما قال الحماسيّ (١) :
بناة (٢) مكارم وأساة (٣) كلم (٤) |
|
دماؤكم من الكلب الشّفاء |
ففرّع على وصفهم بشفاء أحلامهم من داء الجهل ووصفهم بشفاء دمائهم من داء الكلب ، يعني أنّهم ملوك وأشراف وأرباب العقول الرّاجحة. [ومنه] أي من المعنوي [تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ ، وهو ضربان (٥) :
________________________________________________________
من عضّة الكلب ، الكلب على وزن الكتف ، بمعنى الكلب الّذي جنّ من أكل لحم الإنسان ، ولا دواء له أنجع وأنفع وأكثر تأثيرا من شرب دم ملك ، وقيل : يشق بها رجله ، ويؤخذ منه الدّم.
والشّاهد على ما يظهر من كلام الشّارح أنّه فرّع على وصفهم شفاء أحلامهم لسقام الجهل وصفهم بشفاء دمائهم من داء الكلب ، ووجه تحسين التّفريع أنّه يجعل المتعلّقين مرتبطين في الذّكر ، كما أنّهما مرتبطان في المعنى فيتطابق الذّكر والمذكور.
(١) والدّليل على كون دم الأشراف دواء لمرضى عضّ الكلب المجنون قول الحماسي.
(٢) جمع بان ، أي أنتم «بناة مكارم» ، أي أخلاق حسنة.
(٣) جمع أسّ ، وهو المداواة والعلاج.
(٤) جمع كلوم ، وهو الجراحة.
وحاصل معنى قول الحماسي : أنتم الّذين تبنون المكارم ، وترفعون أساسها بإظهارها ، وأنتم الّذين تواسوا ، أي تطيّبون الكلم ، أي جراحات القلوب من الفقر والفاقة ، وغيرهما.
وأمّا الشّاهد في بيت الكميت : «فقد فرّع على وصفهم بشفاء أحلامهم» ، أي عقولهم «لسقام الجهل وصفهم بشفاء دمائهم من داء الكلب».
وبعبارة أخرى أثبت لدمائهم أنّها تشفي من الكلب بعد أن أثبت لأحلامهم ، أي عقولهم أنّها تشفي من سقام الجهل.
(٥) الأولى أن يقول : وهو ضروب ، لأنّه بعد الفراغ من هذين الضّربين ، يقول : «ومنه» ، أي من تأكيد المدح بما يشبه الذّمّ ضرب آخر ...