النّصارى [والبيع] جمع بيعة وهي متعبدهم ، وحتّى متعلق بالفعل في البيت السّابق (١) أعني قاد المقانب (٢) أي العساكر ، جمع في هذا البيت (٣) شقاء الرّوم بالممدوح ، ثمّ قسّم فقال [للسّبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا] ذكر (٤) ـ ما ـ دون ـ من ـ إهانة وقلّة مبالاة بهم ، كأنّهم من غير ذوي العقول ، وملائمة لقوله : [والنّهب ما جمعوا والنّار ما زرعوا.
________________________________________________________
(١) وتمام البيت :
قاد المقانب أقصى شربها نهل |
|
مع الشّكيم وأدنى سيرها سرع |
(٢) جمع مقنب وهو ما بين الثّلاثين إلى الأربعين من الخيل والمراد هنا الرّاكب عليها كما يدلّ عليه قوله أي العساكر.
(٣) إشارة إلى بيان محيا الشّاهد حيث جمع الشّاعر في هذا البيت شقاء الرّوم بالممدوح إجمالا ، لأن الشّقاء يشمل القتل والنّهب والسّبي وغيرها ، ثمّ قسّم في البيت الثّاني وفصله حيث «للسّبي ما نكحوا» من النّساء «والقتل ما ولدوا» من الرّجال والأطفال المحاربين.
(٤) دفع لما يقال من أنّ هؤلاء من ذوي العقول والموضوع لهم لفظة من ، فالأفضل أن يقال من نكحوا ومن ولدوا.
وحاصل الدّفع :
أوّلا : أنّ هؤلاء وإن كانوا من ذوي العقول والموضوع لهم لفظة من ولكن لم يقل من نكحوا ومن ولدوا ليوافق قوله : «والنّهب ما جمعوا والنّار ما زرعوا» ، وهذه الأشياء ليست من ذوي العقول والموضوع لها لفظة ما.
وثانيا : لأنّ في التّعبير عنهم أي عن ذوي العقول أي النّساء والرّجال والولدان بلفظ ما دلالة على الإهانة وقلّة المبالاة بهم حتّى كأنّهم ليسوا من جنس ذوي العقول.
فتحصّل ممّا ذكر من الشّاهد أنّ الجمع إنّما هو في الشّقاء والتّقسيم هو السّبي والقتل والنّهب والنّار لكنّ الأولى أن يقال جمع في هذا البيت الرّوم الشّامل للنّساء والأوّلاد والمال والزّرع في حكم وهو الشّقاء ، ثمّ قسّم ذلك إلى سبي وقتل ونهب وإحراق ورجع لكلّ واحد من هذه الأقسام ما يناسبه ، فرجع للسّبي ما نكحوا من النّساء ، وللقتل ما ولدوا ، وللنّهب ما جمعوا من الأموال ، وللنّار ما زرعوا ، فأشجارهم للإحراق تحت القدور.