بجواهر لفظه فقرة ، ويقرع الإسماع بزواجر وعظه ، فقرة أخرى ، والفقرة في الأصل حليّ يصاغ على شكل فقرة الظّهر ، [أو] من [البيت ما يدلّ عليه] أي على العجز ، وهو آخر كلمة من الفقرة أو البيت ، [إذا عرف الرّوي] فقوله : ما يدلّ ، فاعل يجعل ، وقوله : إذا عرف ، متعلّق بقوله : يدلّ ، والرّوي الحرف الّذي تبتني عليه أواخر الأبيات أو الفقر ، ويجب تكرّره في كلّ منهما.
وقيّد بقوله : إذا عرف الرّوي ، لأنّ من الإرصاد ما لا يعرف به العجز (١) لعدم معرفة حرف الرّويّ ، كما في قوله تعالى : (وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)(١) (٢)] فلو لم يعرف (٣) أنّ حرف الرّوي هو النّون لربّما توهّم أنّ العجز فيما فيه اختلفوا أو اختلفوا فيه ، فالإرصاد في الفقرة [نحو :
________________________________________________________
أو هو نفسها مصداقا «بجواهر لفظه» ، أي بألفاظه الشّبيهة بالجواهر كاللّؤلؤ والمرجان ، وفرع الإسماع بزواجر الوعظ عبارة عن إسماع الموعظة على وجه يحرّك السّامع نحو المقصود ، وإنّما كان كلّ واحد منهما فقرة ، لأنّ كلا منهما بمنزلة مصراع البيت.
(١) أي باعتبار صورته ومادّته لا باعتبار مجرّد مادّته ، وإلّا فقوله : «اختلفوا» يدلّ على مادّة الاختلاف.
(٢) فقد عرف أنّ العجز هو (يختلفون) ، وعلم ذلك من معرفة الرّويّ ، وإنّه نون بعد الواو كما كان ذلك قبل هذه الآية ، أعني (يشركون) ، وفيما بعدهما أعني (ما تمكرون) ، ولو لا تلك المعرفة لتوهّم أنّ العجز هو فيما فيه اختلفوا ليطابق قوله : ـ (فَاخْتَلَفُوا) لكن معرفة الرّوي أعانت على ذلك.
(٣) أي فلو فرض أنّه لم يعرف من الآية الّتي قبلها أنّ حرف الرّوي هو النّون «لربما توهّم ...» ، وظاهره أنّه لو عرف أنّ الرّوي حرف النّون ، لفهم أنّ العجز هو (يَخْتَلِفُونَ) ، فيقال إنّه ليس كذلك لجواز أن يفهم أنّه مختلفون ، فلو قال المصنّف : إذا عرف الرّويّ مع معرفة صيغة القافية لكان أوضح.
__________________
(١) سورة يونس : ١٩.