صفة الإبل [كالقسيّ] جمع قوس [المعطفات] المنحنيات ، [بل الأسهم] جمع سهم [مبريّة] أي منحوتة ، [بل الأوتار] جمع وتر ، جمع بين أمور ثلاثة. [ومنها] أي من مراعاة النّظير ما يسمّيه بعضهم تشابه الأطراف (١) ، وهو أن يختم الكلام بما يناسب ابتداءه في المعنى نحو :
(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)(١)] فإنّ الطّيف يناسب كونه غير مدرك بالأبصار ، والخبير يناسب كونه مدركا للأبصار ، لأنّ المدرك للشّيء يكون خبيرا عالما ، [ويلحق بها] ، أي بمراعاة النّظير أن يجمع بين معنيين غير متناسبين (٢) بلفظين يكون لهما معنيان متناسبان ، وإن لم يكونا مقصودين هنا [نحو : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ)(٢)] أي والنّبات
________________________________________________________
وحاصل المعنى :
أنّ الإبل في رقّة أعضائها وشكلها شابهت تلك القيسيّ ، بل شابهت ما هي أرقّ منها وهي الاسم ، بل شابهت ما هي ـ أرق منها وهي الأوتار ، أي الخيوط الجامعة بين طرفيّ القوس.
والشّاهد في أنّه جمع بين القوسين والسّهم والوتر ، وبينها مناسبة ، وفيها إضرابات ثلاثة ، وهي تدلّ على أنّ القوس أغلظ من السّهم المبريّ ، والسّهم المبريّ أغلظ من الوتر ، والوتر أرقّ من الكلّ.
(١) وإنّما كان تشابه الأطراف نوعا خاصّا من مراعاة النّظير ، لأنّها الجمع بين متناسبين مطلقا ، أي سواء كان أحدهما في الختم والآخر في الابتداء ، كما في تشابه الأطراف أم لم يكن كذلك ، كما في قول البحتري في وصف الإبل.
(٢) في أنفسهما لعدم وجود شيء من أوجه التّناسب من تقارن ، أو علّيّة ، أو نحوهما ، ولكن عبّر عن ذينك المعنيين يكون لهما معنيان آخران «متناسبان وإن لم يكونا مقصودين ههنا» ، وهذا صادق بأن لا يقصد واحد منهما ، أو يكون أحدهما مقصودا دون الآخر.
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٠٣.
(٢) سورة الرّحمن : ٥ و٦.