قال : تتفاوت (١) ، ولم يقل تنقسم ، لأنّ التّعريض وأمثاله (٢) ممّا ذكر ليس من أقسام الكناية فقطّ ، بل هو (٣) أعمّ ، كذا في ـ شرح المفتاح. وفيه نظر (٤) ، والأقرب أنّه إنّما قال ذلك لأنّ هذه الأقسام قد تتداخل (٥) وتختلف باختلاف الاعتبارات من الوضوح والخفاء وقلّة الوسائط وكثرتها ، [والمناسب
________________________________________________________
(١) أي تتنوّع ، وقوله : «إشارة» عطف على «رمز» من قبيل المرادف على المرادف ، لأنّ الرّمز والإشارة شيء واحد وحينئذ فالآنواع أربعة لا خمسة.
(٢) أي أمثال التّعريض ، كالتّلويح والرّمز والإشارة.
(٣) أي ما ذكر من التّعريض وأمثاله أعمّ من الكناية ، لأنّ هذه الأمور لا تختصّ بالكناية ، فإنّ التّعريض وأمثاله يوجد في الحقيقة والمجاز أيضا ، والتّلويح والرّمز والإشارة يطلق كلّ واحد منها على معنى غير الكناية اصطلاحا ولغة.
فلو قال : تنقسم لتوهّم ـ أنّه مختصّ بالكناية مع أنّه عامّة للحقيقة والمجاز ، فلأجل دفع هذا التّوهّم قال : تتفاوت.
(٤) أي النّظر ، يمكن أن يكون لأحد وجهين :
الأوّل : أنّ تعدية التّفاوت بإلى إنّما تصحّ بتضمينه معنى الانقسام فلا تتفاوت الحال ، سواء يقال تتفاوت أو يقال تنقسم.
الثّاني : أنّ انقسام الشّيء إلى أقسام بعضها أو كلّها أعمّ من المقسم من وجه لا يمتنع بل يصحّ ، لأنّ أقسام الشّيء لا يجب أن تكون أخصّ منه لصحّة أن تكون النّسبة بين المقسم والأقسام عموما من وجه ، كما في تقسيم الأبيض إلى حيوان وغيره ، والحال إنّ بين الحيوان والأبيض عموم من وجه لصدقهما في الحيوان الأبيض ، واختصاص الحيوان بنحو الفرس الأدهم واختصاص الأبيض بنحو العاج ، وكذا غيره وإذا صحّ أن يكون قسم الشّيء أعمّ منه فلا مانع حينئذ في التّعبير ب (تنقسم).
فما ذكر الرّازي في شرح المفتاح مبنيّ على جواز كون القسم أعمّ من المقسم إلّا أنّ المحقّقين على خلاف ذلك ، لأنّ القسم من حيث هو ـ قسم ، أي مقيّد بالمقسم لا يكون إلّا أخصّ منه.
(٥) أي يدخل بعضها في بعض ، فيمكن اجتماع الجميع في صورة واحدة باعتبارات