ما علّق به من الغرض ، ونحو ذلك (١) [وأن لا يشمّ رائحته لفظا] أي وبأن لا يشمّ شيء (٢) من التّحقيقيّة والتّمثيل رائحة التّشبيه من جهة (٣) اللّفظ ، لأنّ ذلك (٤) يبطل الغرض من الاستعارة أعني ادّعاء دخول المشبّه في جنس المشبّه به ، لما في التّشبيه (٥) من الدّلالة على أنّ المشبّه به أقوى في وجه الشبّه.
________________________________________________________
(١) أي مثل ذلك كون وجه الشبّه غير مبتذل بأن يكون غريبا لطيفا ، لكثرة ما فيه من التّفصيل أو نادر الحضور في الذّهن كتشبيه الشّمس بالمرآة في كف الأشلّ ، وتشبيه البنفسج بأوائل النّار في أطراف كبريت ، ثمّ يستعار كلّ واحد منهما لما شبّه به بخلاف تشبيه الوجه الجميل بالشّمس ، ثمّ يستعار له وتشبيه الشّجاع بالأسد ، ثمّ يستعار له فإنّ ذلك ممّا يفوّت فيه الحسن لقوات حسن التّشبيه فيه لعدم الغرابة لوجود الابتذال فيه.
(٢) أي أشار بهذا إلى قول المصنّف ، و «أن لا يشمّ» عطف على «رعاية» إلى حسن الاستعارة حاصل برعاية الجهات المحصّلة لحسن التّشبيه.
(٣) أي أشار بقوله : «من جهة اللّفظ» إلى أنّ لفظا في كلام المصنّف نصب على التّمييز ، وإنّما قال لفظا ، لأنّ شمّ التّشبيه معنى موجود في كلّ استعارة بواسطة القرينة ، لأنّ الاستعارة لفظ أطلق على المشبّه بمعونة القرينة بعد نقله عن المشبّه به بواسطة المبالغة في التّشبيه ، فلا يمكن نفي إشمام الرّائحة مطلقا ، أي من جهة اللّفظ والمعنى.
(٤) أي شمّ رائحة التّشبيه لفظا يبطل الغرض من الاستعارة.
(٥) أي قوله : «لما في التّشبيه» علّة للعلّة أعني قوله : «لأنّ ذلك يبطل ...».
وحاصل ما ذكره أنّ شم رائحة التّشبيه إنّما أبطل كمال الغرض من الاستعارة ، لأنّ الغرض منها إظهار المبالغة في التّشبيه ، ويحصل ذلك الاظهار بادّعاء دخول المشبّه في جنس المشبّه ، وادّعاء أنّهما مشتركان في الحقيقة الجامعة لهما ، وأنّ اللّفظ موضوع لتلك الحقيقة ، إلّا أنّ أحد الفردين متعارف والآخر غير متعارف ، ومقتضى هذا الغرض استواؤهما في ذلك الجامع ، ولا شكّ أنّ إشمام رائحة التّشبيه فيه إشعار ما بأصل التّشبيه ، والأصل في التّشبيه أن يكون المشبّه به أقوى من المشبّه في الجامع ، وكونه أقوى منه ينافي الاستواء فيه الّذي هو مقتضى الغرض.
فالمتحصّل من الجميع أنّ شمّ رائحة التّشبيه مبطل لكمال الغرض من الاستعارة.