وفيه (١) نظر ، لأنّ السّكّاكي قد صرّح بأنّ ـ نطقت ـ ههنا أمر مقدّر وهميّ ، كأظفار المنيّة المستعارة للصّورة الوهميّة الشّبيهة بالأظفار المحقّقة ، ولو كان مجازا مرسلا عن الدّلالة لكان أمرا محقّقا عقليّا ، على أنّ هذا (٢) لا يجري في جميع الأمثلة ، ولو سلّم (٣) فحينئذ يعود الاعتراض الأوّل ، وهو وجود المكنّى عنها بدون التّخييليّة.
ويمكن الحواب (٤) بأنّ المراد بعدم انفكاك الاستعارة بالكناية عن التّخييليّة أنّ
________________________________________________________
(١) أي في الجواب المذكور نظر ، وحاصله : إنّ هذا لا يصلح أن يكون جوابا عن السّكّاكي ، لأنّه صرّح بأنّ (نطقت) أطلق ههنا على أمر وهميّ كأظفار المنيّة ، فإنّها استعارة لأمر وهميّ شبّه بالأظفار الحقيقيّة ، ومن المعلوم أنّ مقتضى هذا الكلام كون (نطقت) استعارة من النّطق الحقيقي للأمر الوهميّ ، لا أنّه مجاز مرسل ولو كان مجازا مرسلا عن الدّلالة كما هو مقتضى ذلك الجواب لكان مطلقا على أمر محقّق عقليّ لا على أمر وهمي كما صرّح به ، وبالجملة فالتزام السّكّاكي بأنّ قرينة المكنيّة إذا لم تكن حقيقة تكون مجازا مرسلا ، لا يصحّ لمنافاة ذلك لما صرّح به.
(٢) أي كون قرينة المكنيّة إذا لم تكن حقيقة تكون مجازا مرسلا ، لا يجري في جميع الأمثلة ، لأنّ بعضها لا يوجد فيه علاقة أخرى غير المشابهة ، فيكون هذا ردّا آخر للجواب المذكور بأنّه لو سلّم في بعض الصّور ، لكنّه لا يوجد في بعضها فلا يصلح جوابا.
(٣) أي لو سلّم جريانه في جميع الأمثلة يعود الاعتراض الأوّل ، وحاصله : أنّه لو سلّم أنّ قرينة المكنيّة إذا لم تكن حقيقة تكون مجازا مرسلا في جميع الأمثلة ، وألغى النّظر عمّا اقتضاه قوله : إنّ (نطقت) نقل للصّور الوهميّة ، يلزم عليه حينئذ أنّ المكنيّة خلت عن التّخييليّة ، لأنّ التّخييليّة عنده ليست إلّا تشبيه الصّور الوهميّة بالحسّيّة ، فإذا كان ما ذكر من القرينة مجازا مرسلا فلا تخييل ، إذ لا صورة وهميّة شبّهت بالمعنى الأصلي ، وإذا انتفى التّخييل بقيت المكنّى عنها بدون التّخييليّة ، والمصنّف قد ردّ هذا ، حيث قال سابقا ، وهو باطل بالاتّفاق ، وبالجملة أنّه لو سلّم جريانها في جميعها يعود الاعتراض وهو وجود المكنّى عنها بدون التّخييليّة ، مع أنّ المكنّى عنها لا تنفكّ عن التّخييليّة.
(٤) أي يمكن الجواب عن قوله : «ولو سلّم» ، يعود الاعتراض الأوّل لا عن أصل الاعتراض ، لأنّه قد صرّح بأنّ (نطقت) مستعمل في أمر وهميّ ، فقد اضطرّ آخر الأمر إلى القول