ببحر من المسك موجه الذّهب لإبرازه] أي إنّما استطرف المشبّه في هذا التّشبيه لإبراز المشبّه [في صورة الممتنع] الوقوع [عادة (١)] ، وإن كان ممكنا عقلا (٢) ، ولا يخفى أنّ الممتنع عادة مستطرف غريب (٣). ـ [وللاستطراف وجه آخر (٤)] غير الإبراز في صورة الممتنع عادة [وهو أن يكون المشبّه نادر الحضور في الذّهن إمّا مطلقا (٥) كما مرّ] في تشبيه فحم فيه جمر موقد [وإمّا عند حضور المشبّه ، كما (٦) في قوله (٧) :
________________________________________________________
(١) أي وهو بحر من المسك الّذي موجه الذّهب ، فإنّه وإن كان ممكنا عقلا إلّا أنّه ممتنع عادة ، والمراد بإبرازه في صورته إبرازه متّصفا بصفته حيث ألحق به ، والإلحاق يوجب تخيّل نقل الامتناع إليه ، فالجمر الموقد وإن كان أمرا مبتذلا ، إلّا أنّه لمكان هذا الإلحاق يصبح حديثا غريبا.
(٢) أي بأن يذوب المسك مع كثرته جدّا حتّى يعدّ بحرا ، ويذاب الذّهب فيه ، ويكون موجا له.
(٣) أي صيرورة الواقع المبتذل ممتنعا عادة مستطرف غريب.
(٤) أي لمطلق الاستطراف وجه آخر ، لا لخصوص الاستطراف في المثال ، ومن ذلك لم يأت بالضّمير.
والحاصل إنّ للاستطراف موجبين : الأوّل : إبراز المشبّه في صورة الممتنع في الخارج.
والثّاني : إبرازه في صورة نادر الحضور في الذّهن إمّا مطلقا ، وإمّا عند حضور المشبّه ، وهما مختلفان بالعموم والخصوص ، إذ كلّما تحقّق كون الشّيء ممتنع الحصول في الخارج يتحقّق كونه نادر الحضور في الذّهن ولا عكس.
(٥) أي ندورا مطلقا من غير تقييد بحالة حضور المشبّه في الذّهن ، كما مرّ في تشبيه فحم فيه جمر موقد ، ففي هذا المثال يصحّ أن يعتبر سبب الاستطراف إبراز غير الممتنع في صورة الممتنع ، وإن يعتبر إبراز غير النّادر في معرض النّادر.
(٦) أي كندرة حضور المشبّه به عند حضور المشبّه في قول أبي العتاهية حيث يصف البنفسج.
(٧) أي قول أبي العتاهية.