من الجهل والغيّ (١) وأعرض عن معاودته (٢) فبطلت آلاته (٣)] الضمير في معاودته وآلاته لما كان يرتكبه [فشبّه] زهير في نفسه [الصّبا (٤) بجهة من جهات المسير كالحجّ والتّجارة قضى منها] أي من تلك الجهة [الوطر (٥) فأهملت (٦) آلاتها]
________________________________________________________
(١) قوله : «من الجهل والغيّ» بيان ل «ما» ، والمراد بالجهل والغيّ الأفعال الّتي يعدّ مرتكبها جاهلا بما ينبغي له في دنياه أو في آخرته ، ويعدّ بسببها من أهل الغيّ ، أي عدم الرّشد لارتكابه ما يعود عليه بالضّرر من المعصية ، وما ينكره العقلاء.
(٢) قوله :
«وأعرض عن معاودته» عطف على قوله : «ترك» ، أي أنّه ترك ما كان مرتكبا له زمن المحبّة من الجهل والغيّ ، وأنّه أعرض عن معاودته بالعزم على ترك الرّجوع إليه ، وهذا مستفاد من قوله : «وأقصر باطله» لأنّ معناه كما مرّ امتنع باطله عنه وتركه بحاله ، ولو كان القلب قاصدا للمعاودة لما تركه لم يكن مهملا لآلاته بالكلّيّة ، فلم يكن باطله تاركا له على حاله الأصلي.
(٣) قوله :
«فبطلت آلاته» أي فلمّا أعرض عمّا كان مرتكبا له زمن المحبّة من الجهل والغيّ بطلت آلاته الّتي توصّل إليه من حيث إنّها توصّل إليه من الحيل والمال والإخوان والأعوان والمراد ببطلانها تعطيلها.
(٤) أي الصّبا بالكسر مع القصر بمعنى الميل إلى الجهل الّذي أهمله وأعرض عنه فتعطّلت آلاته ، والصّبا بالمعنى المذكور بمنزلة جهة من الجهات ، أعرض عنها بعد قضاء الوطر ، فشبّه في نفسه ذلك الصّبا بجهة من الجهات الّتي يسار إليها لأجل تحصيل حاجة كجهة الحجّ وجهة الغزو وجهة التّجارة فقول المصنّف : «كالحجّ ...» ـ على حذف مضاف ، أي كجهة الحجّ وهذا بناء على أنّ المراد بجهة المسير هو الغرض الّذي يسير السّائر لأجله كالحجّ وطلب العلم والتّجارة ، وحينئذ فلا حاجة إلى تقدير.
(٥) أي الحاجة الحاملة على ارتكاب الأسفار لتلك الجهة بأن وصل إلى المقصود من تلك الجهة بعد ما سوفر إليها ، ورجع منها إلى المسكن.
(٦) أي فلمّا قضى منها الوطر أهملت آلاتها الموصلة إليها ، مثل الأفراس والرّواحل والأعوان والأقوات السّفريّة.