أعني العداوة والحزن مذكور لا متروك ، بل تحقيق الاستعارة التّبعيّة ههنا (١) أنّه شبه ترتّب العداوة والحزن على الالتقاط بترتّب علّته الغائيّة عليه ، ثمّ استعمل في المشبّه اللّام الموضوعة للمشبّه به ، أعني ترتّب علّة الالتقاط الغائيّة عليه ، فجرت الاستعارة أوّلا في العلّيّة والغرضيّة ، وتبعيّتها في اللّام كما مرّ في : نطقت الحال ،
________________________________________________________
أصليّة ، فيرد عليه ما ذكره الشّارح من أنّ المتروك في المصرّحة يجب أن يكون هو المشبّه ، أي المشبّه يجب أن يكون محذوفا سواء كانت الاستعارة أصليّة أو تبعيّة ، والحال أنّ المشبّه ههنا وهو العداوة والحزن مذكور.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنّ مراد المصنّف أنّ في المجرور تشبيها يصحّ أن تترتّب عليه الاستعارة في الحرف وإن لم تقع بالفعل فتكون الاستعارة التّبعيّة المصرّحة عنده في الحرف أيضا ، أمّا الاستعارة في المجرور فاستعارة بالكناية.
(١) أي في هذه الآية والمراد بتحقيق الاستعارة ذكرها على الوجه الحقّ الّذي هو مذهب القوم ، أي تحقيق الاستعارة التّبعيّة بحيث يطابق رأي الجمهور والمصنّف أنّه شبّه ترتّب العداوة والحزن ، أي ترتّب مطلق عداوة وحزن سواء تعلّقا بالنّبي موسى عليهالسلام أو بغيره ، فالمراد هو العداوة والحزن الكلّيّان ، والمراد بالالتقاط أيضا مطلق الالتقاط ، والمراد بعلّته الغائيّة هو علّته المطلقة ، فالتّشبيه قصدا وقع في التّرتّبين الكلّيّين ، ثمّ سرى في جزئيّاتهما بدليل قوله : «فجرت الاستعارة أوّلا في العلّيّة الغرضيّة ، وتبعيّتها في اللّام» أي وجرت في اللّام بسبب تبعيّتها ، أي تبعيّة الاستعارة في ترتّب العلّيّة والغرضيّة كما مرّ في «نطقت الحال والحال ناطقة» ، حيث قلنا : إنّه جرت الاستعارة أوّلا في المصدر ، ثمّ يشتقّ منه الفعل والصّفة ، فتكون الاستعارة في المصدر أصليّة ، وفي الفعل والصّفة تبعيّة ، وفي المقام تكون الاستعارة في المعنى الكلّي أصليّة ، وفي المعنى الجزئيّ تبعيّة ، كما أشار إليه بقوله : «ثمّ استعمل في المشبّه اللّام» ، أي استعمل في جزئي المشبّه ، وذلك الجزئي ترتّب العداوة والحزن الخاصّين إلى المتعلّقين بالنّبي موسى عليهالسلام ، استعمل فيه اللّام الموضوعة للمشبّه به ، أي جزئي المشبّه به ، أعني ترتّب علّة الالتقاط الغائيّة الخاصّة ، وهي محبّة الملتقط للنّبي موسى عليهالسلام وتبنّيه إيّاه.